يخوضُ عدد من النّشطاء المغاربة معركة حقوقية جديدة ضدّ ما اعتبروه "إجهازاً متواصلاً على الحقوق والحريات في المغرب"، خاصة في ظلّ تداعيات قضية "هاجر الرّيسوني"، وذلك من خلال إطلاق حملة تحت عنوان "خارجة عن القانون"، تروم فتح نقاش وطني حول واقع الحريات الفردية بالمملكة. الحملة التي أطلقتها الأديبة الفرنسية المغربية ليلى السليماني، بمعية المخرجة صونيا التراب، تمكّنت في ظرفٍ وجيز من جمعِ أكثر من 490 توقيعا، وذلك من أجل فتح نقاش وطني حول واقع الحريات في المملكة والقوانين الرّجعية التي تستهدف النّساء. وتأتي هذه الحملة بعد مرور ثلاثة أسابيع على اعتقال الصحافية هاجر الريسوني بسبب "الإجهاض" و"الجنس خارج نطاق الزّواج"، داعيةً "الحكومة والمؤسسة التشريعية والدستورية والمجتمع المدني إلى النّظر للوضع الكارثي على حقيقته، والتحلي بالشجاعة المطلوبة لطرح نقاش وطني حول الحريات الفردية". ويعرّف الواقفون وراء الحملة أنفسهم بأنّهم "مواطنات ومواطنون مغاربة، نعترف بأننا خارجون عن القانون. نعم، نحن نخرق كل يوم قوانين جائرة، قوانين بالية أكل عليها الدهر وشرب"، مضيفين: "نعم عشنا أو ما زلنا نعيش علاقات جنسية خارج إطار الزواج مثل الآلاف من مواطنينا، عشنا أو مارسنا أو كنا شركاء أو متواطئين في عملية الإجهاض". وتساءل نصّ الحملة: "هل يجب أن نزج بكل هؤلاء في السجن كي تنتهي المهزلة؟ هم وشركاؤهم من أطباء ومناضلين وجمعويين أيضا؟ من سيبقى لكي يدافع ويحلم ويتقدم بالوطن في طريق مستقبل أفضل؟ مشدّداً أنّ "المجتمع المغربي بلغ مرحلة أصبح التغيير فيها ضرورة تاريخية وثقافية". وأبرزت الوثيقة ذاتها أنه "في كل يوم وفي كل ساعة، في السر، في الخفاء، هناك نساء مثلي ورجال مثلك، محافظون أو تقدميون، شخصيات عمومية أو مواطنون غير معروفين، من كل الأوساط وكل الجهات، يجرؤون ويتصالحون مع اختياراتهم، يستمتعون ويخلدون وجودهم بأنفسهم، يكسرون القيود ويعبثون بالقوانين لأنهم يحبّون". واسترسل مدبّجو نص الحملة قائلين على لسان "امرأة": "لكني لم أعد قادرة، لم يعد بوسعي الاختباء وادعاء الطهرانية، فجسدي هو ملكي وحدي، وليس ملكا لوالدي ولا لزوجي ولا لمحيطي، وليس قطعا ملكا لعيون المارة، ولا ملكا للدولة". وأكملت الوثيقة: "اليوم لم أعد أريد أن أشعر بالخزي. أنا التي أحب، أو أجهض، أو أعيش علاقات جنسية بدون زواج، أنا التي أعيش في السر... أنا التي مع كل فعل حب، أكون عرضة للعار و(الفضيحة) والسجن". وفي السّياق ذاته، قالت كريمة ندير، ناشطة حقوقية وكاتبة، إنّ "معركة الحريات الفردية ليست معركة نخبوية، هي معركة من أجل الحق في الكرامة، الحق في الحرية، الحق في حماية الحياة الخاصة والحميمة"، وأضافت أن "من يعتبر هذه الأمور غير ذات أولوية، فهو لا يؤمن بشمولية وكونية حقوق الإنسان، بل لا يؤمن بالإنسان". وتابعت المتحدثة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "النقاش حول الحريات الفردية متوقف منذ سنة 2015، وهذه الحملة تروم إعادة طرحه من جديد في خضم تحولات المجتمع وتجاوز الانتظارية التي تطبع العمل الحقوقي".