حذر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، مما أسماه "خطورة الانزواء دون أن تضطلع الحكومة بدورها"، قائلا إنه "بعد أكثر من خمسين يوما على خطاب العرش الذي دعا فيه الملك إلى التعديل الحكومي لازالت مكونات الحكومة لم تتوصل إلى الهيكلة المطلوبة، وهو ما يعتبر استهتارا بمصالح الوطن والمواطنين". بركة، الذي كان يتحدث صباح اليوم خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى التفكير الذي ينظمه حزبه، وجه انتقادات لاذعة إلى الحكومة، معتبرا أنها "تردد فقط الأسطوانة نفسها التي ترتكز على الهروب من المسؤولية". وأردف بركة: "لا يمكننا أن نقبل ذلك لأنه يشكل خطرا على بلدنا ويظهر عدم الثقة في التغيير"، مشددا على ضرورة "تسريع وتيرة التغيير وخدمة المواطن". وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال "على ضرورة إعطاء إشارة قوية للمرحلة الجديدة التي دعا إليها الملك وإرساء تعاقد اجتماعي جديد"، وأضاف: "كلما أضعنا فرصة وأجهضنا أملا للإصلاح كلما اتسعت دائرة الشك وارتفعت الكلفة للفاعل الحكومي". وتحدث بركة عن أزمة تعيشها البلاد، قائلا: "ينبغي أن نعترف بأن بلادنا تعيش أزمة عميقة ومركبة"، مؤكدا أن "الاستمرار في النموذج التنموي الحالي لا يمكنه إلا أن يفرز مزيدا من الفوارق الاجتماعية والمجالية وخيبات الأمل". وتابع بركة: "الشعب يطلب فقط الحماية من الجشع وليس تحسين أوضاعه، فحينما يعبر المواطن عن تخوفه، وتنامي استعداد الشباب والأسر للهجرة؛ ناهيك عن تقهقر في مستوى النمو والشغل والاستثمار والادخار وفي الاستهلاك والقدرة الشرائية، وتراجع دور المدرسة العمومية التي أصبحت بؤرة لإنتاج الفوارق الاجتماعية، فذلك يؤكد وجود أزمة". ومن ضمن العلامات الدالة على الأزمة، والتي جاء بركة على ذكرها، "انتشار تعليم طبقي، وتفقير ممنهج للطبقة الوسطى بسبب ارتفاع الأسعار؛ ناهيك عن انتشار تخوفات بشأن المكتسبات والولوج للخدمات الأساسية، ووجود أزمة عطش بدون موسم جفاف". وتحدث الأمين العام أيضا عن تخوفات بشأن السلامة الغذائية، قائلا: "لم يعد بإمكاننا حتى شرب الشاي في راحة"، وأكد على وجود أزمة على المستوى السياسي والمؤسساتي، قائلا إن هناك "شكوكا في جدوى الآلية التمثيلية للمواطن، ومدى استجابتها لحاجياته، وبالتالي التساؤل عن الجدوى الانتخابية؛ ناهيك عن انتشار آلة تبخيس العمل الحزبي والسياسي". وعلى المستوى الاقتصادي تحدث بركة عن "استمرار الريع والامتيازات والاستثناءات"، قائلا إن "سياسة التحرير لم تنجح في خلق الاندماج المرجو...فيما على مستوى الشرخ الذي يهدد التماسك الاجتماعي لم تعد آلية لتوزيع الثورات لفائدة الفئات الهشة". ومن ضمن التوصيات التي ختم المتحدث بها كلامه ضرورة "إرساء منظومة جديدة للقيم"، قائلا: "لدينا أزمة قيم في بلادنا، والمغاربة فقدوا البوصلة"؛ ونبه كذلك إلى وجوب "ربط الأقوال بالأفعال في الممارسة السياسية والديمقراطية لاسترجاع الثقة في المؤسسات"، وأضاف: "المغاربة تعبوا من الانتظار وتقديم التضحيات وتأدية الضرائب بدون مستوى، وبالتالي لا بد من تحقيق العدالة والإنصاف والقطع مع مظاهر الحيف والفوارق الاجتماعية التي تتسع يوما بعد يوم".