قال عبد الجليل لحجمري، أمين السّرِّ الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن الأكاديمية قد "عرفت انطلاقتَها الجديدة استنادا إلى التوجّهات الملكية السامية"؛ وهو ما تجلّى في "انفتاحها على الرؤى الثقافية المتميِّزة والخبرات والتجارب الدولية الرائدة، ومساهمتها في معالجة قضايا ومشكلات تشكّل مركز القلق الحضاري للمجتمَع الإنساني، مثل: البيئة، والتّنمية، والحداثة، والأمن والسِّلمِ الدّوليَّين، والحوار بين الثّقافات والحضارات والأديان". وأضاف لحجمري، في سياق تقديمه، الخميس، محاضرة ألقاها الدبلوماسي البريطاني اللورد بيتر ريكتس بمقرّ أكاديمية المملكة في الرباط، أنّ الأكاديمية قد جُعِلَت، في إطار انفتاحها، فضاء لآدابِ الاختلاف وثقافة الاحترام وقَبول الآخر وتعدّد القراءات للمستجدَّات المعرفية والمتغيِّرات الحضارية. وبيَّن أمير السّر الدائم لأكاديمية المملكة أنّ هذه الأخيرة قد وسَّعَت بناء على "هذه النُّهوج الإستراتيجية الجديدة"، من دائرة انشغالاتها الثقافية التي شملت قضايا الحوار بين أتباع الدّيانات؛ مثل "ندوة مؤمنون ومواطنون في عالم يتغيَّر"، والعناية بأدوار الفنّ الموسيقي والرسم في توثيق المظاهر الحضارية والتّراث المغربي، مثل العروض والإصدارات الموسيقية والاحتفالات الملحونية. وشملت انشغالاتها، أيضا، اللوحات الفنية؛ مثل الاحتفاليات بتراث فن الملحون، والأيّام الدّراسية التي نُظِّمَت حول المغرب في رسومات الفنّان العالَمي أوجين دولاكروا، وإصدار "نَوبات الاستهلال" حول الموسيقى الأندلسية. وذكر المتحدّث أن الأكاديمية، في انفتاحها الدولي، قد عنيت بدراسة الحداثة وتحدّياتها في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا؛ فعَقَدَت دورة "إفريقيا أفقا للتّفكير"، و"من الحداثة إلى الحداثات"، و"أمريكا اللاتينية أفقا للتّفكير"، مضيفا أن أكاديمية المملكة ستعقد، في شهر دجنبر المقبل، ثلاث دورات حول التّجارب الحداثية في كلّ من الصين والهند واليابان. ووضّح لحجمري أنّ أكاديمية المملكة قد مهّدَت لهذه الدّوَرات بمساءلة ومعالجة القضايا الفكرية الإنسانية المعاصِرَة، فنظَّمَت لذلك محاضرات عديدة ألقاها مفكِّرون أسهموا في تسليط الأضواء على بعض المشكلات والتّحدّيات؛ منها: قضيّة الفقر، والتّنمية الاقتصادية والصّناعيّة، والحداثة، والإسلام في إفريقيا، والابتكار، والعدالة، والحرّيّة، والدّستور المغربي الجديد، والأخلاق الائتمانية. تجدر الإشارة إلى أنّ من بين أدوار أكاديمية المملكة المغربية، حَسَبَ ظهيرِها المؤسِّس المؤرَّخ في 8 أكتوبر 1977، تشجيع تنمية البحث والاستقصاء في أهم ميادين النشاط الفكري؛ مثل: علم العقائد، والفلسفة، والأخلاق، والقانون، ومناهج الحكم، والتاريخ، والآداب، والفنون الجميلة، والرياضيات، والعلوم التجريبية وغير التجريبية، والتربية، والطب، والديبلوماسية، وعلم الخطط الحربية، والإدارة، والاقتصاد، والصناعة، والتعمير، والتقنيات التطبيقية. كما ينُصُّ الظّهير المؤسِّسُ لأكاديمية المملكة على دورها في العمل على إقرار تكافل مستمر بين هذه النشاطات، وجمْع رجالات المملكة لهذه الغاية، ممّن برهنوا عن دراية كاملة وتضلُّع في هذه الميادين، وتحقيقِ الاتّصال مع رجالٍ من جنسيّات مختلفة، اشتهروا بما أنتجوه من مؤلفات، أو بما أسدوه للحضارة من جليلِ الخدمات، ووضعِ مكان دائم رهن إشارة الطرفين للّقاءات وتبادل الآراء.