هل كان بالإمكان أن ينجو الأشخاص السبعة الذين لقوا حتفهم، مساء أمس الأربعاء، جراء السيول الجارفة التي باغتت عشرات الأشخاص في "ملعب تزيرت" لكرة القدم وسط وادٍ نواحي تارودانت؟ هل قامت الجهات المعنية ببث نشرات إنذارية تُخبر الناس باحتمال وقوع فيضانات؟ وهل قامت السلطات بدورها في تبليغ هذه التحذيرات إلى المواطنين؟ هذه الأسئلة وأخرى حضرت بقوة، طيلة مساء أمس وصباح اليوم الخميس، في النقاش الذي أعقب فاجعة ملعب تزيرت نواحي تارودانت، حيث وُجّهت انتقادات لاذعة إلى السلطات المحلية لعدم إخبارها المواطنين باحتمال وقوع فيضانات؛ بل أكثر من ذلك فقد تم إرسال عنصر للقوات المساعدة إلى عين المكان من أجل السهر على تنظيم أجواء إجراء مباراة كرة القدم التي جذبت الناس إلى عين المكان، ما يعني أنها كانت على علم بتجمّعهم هناك. مواطنون آخرون وجهوا انتقادات إلى مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، محمّلين إياها مسؤولية عدم بث نشرات إنذارية لتحذير سكان المناطق المهددة بالفيضانات؛ لكن الحسين يوعابد، رئيس مصلحة التواصل بمديرية الأرصاد الجوية الوطنية، قال إنّ هذه الأخيرة قامت بواجبها على أكمل وجه، وأصدرت نشرة إنذارية منذ الساعة الحادية عشرة من صباح أمس الأربعاء، حذرت فيها من احتمال هطول زخات رعدية قوية تعقبها سيول. وأوضح يوعابد أنّ مديرية الأرصاد الجوية الوطنية بعثت النشرة الإنذارية إلى السلطات في المناطق المفترض أن تشهد زخات رعدية وسيولا، وجميعَ المعلومات المتعلقة بحالة الطقس في تلك المناطق. في المقابل، قال عادل أداسكو، الفاعل الجمعوي الذي كان موجودا في المناطق التي شهدت فيضانات، إنّ السلطات لم تخبر المواطنين باحتمال هطول زخات رعدية ووقوع فيضانات، مضيفا: "هناك فيديوهات توثق وجود عناصر من القوات المساعدة بمحاذاة الملعب الذي شهد الفاجعة، دون قيامهم بإشعار المواطنين بالخطر المحدق بهم". وجود عناصر القوات المساعدة في المكان الذي داهمته السيول الجارفة، وأفقدتهم سيارة الخدمة التي جاؤوا على متنها، على الرغم من بث مديرية الأرصاد الجوية الوطنية نشرة إنذارية قبل أزيد من ستّ ساعات من وقوع الفاجعة، يطرح سؤال مدى وجود تنسيق بين السلطات وأعوانها، المفترض أن يكونوا صلة وصْل بينها وبين المواطنين. وفي الوقت الذي ما زالت ردود أفعال المواطنين الغاضبة تنهال على الجهات المسؤولة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أجّجتْها المشاهد الصادمة الت وثقتها عدسات الهواتف المحمولة بالصوت والصورة، لمجموعة من الأشخاص الذين جرفتهم المياه وسط وادي إمي نْتيارت، بعدما كانوا يتابعون مباراة لكرة القدم، فإنّ مناطق أخرى ستشهد زخات رعدية اليوم الخميس، حسب توقعات مديرية الأرصاد الجوية الوطنية. ووفق إفادة الحسين يوعابد لجريدة هسبريس الإلكترونية فإنّ المناطق المحتمل أن تشهد هطول زخات رعدية، ابتداء من بعد زوال اليوم الخميس وإلى غاية منتصف الليل، هي شيشاوة ومراكش والرحامنة والحوز وتارودانت وورزازات وتنغير وأزيلال وبني ملال وميدلت. وتعود أسباب هطول الزخات الرعدية في فصل الصيف بمناطقَ معينة، حسب المعلومات التي أفاد بها يوعابد، إلى مجموعة من العوامل؛ من بينها أنّ حرارة الأجواء السفلى التي تشهد ارتفاعا في فصل الصيف، خاصة في المناطق المرتفعة، تساعد على صعود الهواء المحمّل بالرطوبة إلى الأجواء العليا، وهو ما يؤدي إلى تكاثف سريع للسُّحب تنجم عنه زخات رعدية. ودعا رئيس مصلحة التواصل بمديرية الأرصاد الجوية الوطنية المواطنين إلى التعاطي مع النشرات الإنذارية التي تبثها المديرية بأقصى درجات الجدّية، والحرص على الاطلاع على توقعات الأحوال الجوية باستمرار. جدير بالذكر أنّ السيول الجارفة التي شهدتها بلدة إمي نتيارت بدائرة إغرم نواحي تارودانت قد أودت بحياة سبعة أشخاص؛ منهم ستة مُسنّين وشاب واحد، وجرْح شخص آخر جرى إنقاذه، في حين لا يزال البحث جاريا عن شخص آخرَ مفقود، حسب إفادات السلطات المحلية لإقليمتارودانت. ووسط أجواء الحزن المخيّمة على بلدة إمي نتيارت جراء فقْدها لسبعة من أبنائها، فإنّ المناطق التي غمرتها السيول أمس الخميس بجماعة إغرم إقليمتارودانت ما زالت تعيش وسط العزلة بعد انقطاع الطرق، وتغرق في وحْل السيول، حسب إفادة عادل أداسكو، الذي أضاف أنّ المناطق التي داهمتها السيول أصبحت منكوبة.