أراد إيمانويل ماكرون أن تكون قمة مجموعة السبع "مثمرة"، هذه القمة التي جمعت لمدة ثلاثة أيام رؤساء دول وحكومات سبع دول من بين القوى الاقتصادية في العالم، لعدم التوصل لنتائج ملموسة، تتميز بمناقشة "صريحة" لقضايا ساخنة على الساحة الدولية، والتي غالبا ما تكون مصدرا للتوترات؛ منها: الحرب التجارية، والنووي الإيراني، وضريبة الشركات الرقمية العملاقة "جافا"، والبيئة... هذا النوع من الاجتماعات الدولية حول الميزانية، التي لا تؤدي مخرجاتها في الغالب إلى أي شيء ملموس بسبب طبيعتها غير الرسمية، توصف غالبا من قبل معارضي مجموعة السبع بكونها غير مجدية. ومع ذلك، ومنذ بداية القمة في بياريتز، حاول الرئيس الفرنسي الدفاع بقوة عن فكرة عقد اجتماع "مثمر". وقال إيمانويل ماكرون، في خطاب متلفز يوضح فيه رهانات مجموعة السبع، إن "هذا الاجتماع مفيد ومهم" و"يجب أن يكون قادرا على ضمان الاستقرار وحماية السلام في العالم". وحسب صحيفة "لوموند"، "سمح هذا الحدث الدولي (على الأقل) بطرح الملفات الأكثر إلحاحا في العالم وهي: الطاقة النووية الإيرانية والتوترات في الخليج، والحرائق التي اجتاحت غابات الأمازون، ومخاطر الركود الاقتصادي، والوضع الإفريقي، والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وشروط عودة روسيا ضمن مجموعة الثمانية".. فما هي نتائج هذا الاجتماع للدول الأقوى؟ الصورة الجماعية التي خلدت اجتماع قادة المجموعة إلى جانب رؤساء الدول الأخرى المدعوين، والتي تظهر ابتسامة اللحظة، هل هي مؤشر على أمر ما؟ في مؤتمر صحافي مشترك، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأمريكي دونالد ترامب ب"نجاح" القمة، وقال هذا الأخير، الذي عبر عن شكره للرئيس الفرنسي و"للبلد العظيم" فرنسا، إن "اجتماع مجموعة السبع شكل نجاحا كبيرا ، وعبر عن وحدة كبيرة. (...)، كان حقا اجتماعا جيدا للغاية بين سبع دول". من جانبه، أشاد الرئيس الفرنسي "بالعمل المثمر للغاية" و"التبادلات الجيدة جدا"، وأضاف "كان هناك الكثير من التوتر في بداية مجموعة السبع، والكثير من الانتظارات، ويمكنني حقا القول هنا إن ما جمعنا معا هو رسالة وحدة، وروح إيجابية لمناقشات ذات مخرجات، وهذا هو حقيقة ما أسفرت عنه التبادلات". بصرف النظر عن تبادل كلمات البروتوكول الودية، ماذا حصل بالضبط؟ هل حققت القمة نتائج؟ هل تم إحراز تقدم؟ وفقا للمراقبين، على الرغم من مخاوف حدوث فشل مماثل لما حدث في مجموعة السبع الأخيرة في كندا، فإن قمة بياريتز مكنت من إحراز بعض التقدم، خاصة في ما يتعلق بقضية النووي الإيراني، والتوترات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، وضريبة (جافا)، فضلا عن غابات الأمازون. وعلى مدى هذه الأيام الثلاثة، تمكنت القمة من تحريك الخطوط، وساعدت الزيارة المفاجئة التي قام بها محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، لبياريتز في إذكاء المحادثات النووية، في وقت كان الخليج على صفيح ساخن هذا الصيف بعد سلسلة هجمات لناقلات النفط، وتدمير إيران لطائرة أمريكية بدون طيار. حتى أن دونالد ترامب قال إنه مستعد للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني: "إذا كانت الظروف مناسبة، فسأوافق بالتأكيد" على مقابلته، قال ذلك إلى جانب إيمانويل ماكرون، الذي لم يفتأ يعمل بنشاط منذ عدة أسابيع لصالح سيناريو عقد هذا اللقاء "في الأسابيع المقبلة". وحول ضريبة عمالقة (جافا) الرقمية، موضوع الخلاف بين باريس وواشنطن، ساعدت المناقشات على تهدئة الوضع؛ "ولكن لا يزال هناك شيء يجب بناؤه". في الواقع، يلاحظ المحللون أن الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بين باريس وواشنطن، بعد مناقشات مكثفة، يرتكز إلى قدرة جميع دول مجموعة السبع على الاتفاق في عام 2020 على فرض ضريبة دولية على الشركات الرقمية متعددة الجنسية. وقال الرئيس الفرنسي، الذي أقر هو نفسه بكونها "ضريبة غير كاملة"، إنه بمجرد دخول هذه الضريبة متعددة الأطراف حيز التنفيذ، ستقوم فرنسا "بإلغاء" ضرائبها و"ستعيد للشركات مدفوعاتها في شكل خصوم". كما أعلنت دول مجموعة السبع عزمها إطلاق مساعدات طارئة بقيمة 20 مليون أورو لمكافحة الحرائق في غابات الأمازون، في وقت استثارت صور التهام النيران ل"رئة الكوكب" وجدان العالم. يبدو أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، والتي أثيرت بقوة خلال مجموعة السبع، تتجه نحو حل، بإعلان الرئيس ترامب على هامش القمة، باستئناف "قريب جدا" للمفاوضات التجارية. إفريقيا، تمت دعوة القارة إلى قمة مجموعة السبع، تحت تعهد "مكافحة اللامساواة". والتأم اجتماع عمل حول موضوع "شراكة مجموعة السبع مع إفريقيا"، زوال يوم الأحد في بياريتز، حول نفس الطاولة، ضم قادة المجموعة ورؤساء خمس دول إفريقية: فاسو روش مارك كريستيان كابوري، بصفته رئيسا لمجموعة الساحل 5، وماكي سال، رئيسا للشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (نيباد)، وعبد الفتاح السيسي، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، وبول كاغامي، الذي تولى الحكم في عام 2018 رئاسة الاتحاد الإفريقي، وكذلك رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا. وحضر أيضا هذه الجلسة الموسعة، كل من موسى فاكي، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، وأكينومي أديسينا، رئيس بنك التنمية الإفريقي. في هذا الاجتماع غير المسبوق، أثيرت عدة أسئلة من قبيل التسارع الاقتصادي في إفريقيا، والمخاطر الأمنية في منطقة الساحل، والوضع في ليبيا، وعدم المساواة بين الجنسين...، بهدف بناء "شراكة متجددة" - يؤكد الإليزيه -، "على قدم المساواة مع قارة المستقبل". وكان الرئيس الفرنسي، الذي تحدث يوم السبت عن "رهانات مجموعة السبع بالنسبة لفرنسا"، أوضح الأسباب التي دفعت بلاده، التي تتولى الرئاسة السنوية للمجموعة، إلى تكريس جلسة لإفريقيا بالقول "قررت (...) أن أضع إفريقيا في قلب إفريقيا. إنه أقرب جار لنا، إنها حياتنا اليومية اليوم وغدا". وأضاف ماكرون: "سنستثمر بقوة في هذا الموضوع مع شركائنا الأفارقة"، مؤكدا أن مجموعة السبع سيكون لديها "مبادرات قوية وجديدة من أجل إفريقيا". واختتمت قمة بياريتز أشغالها ب"ميثاق شراكة بين مجموعة السبع وإفريقيا". وبذلك تكون الدول الأعضاء في مجموعة السبع والدول الإفريقية المدعوة، قد أبرمت شراكة من أجل "تشجيع ريادة الأعمال لدى النساء" و"التحول الرقمي" و"شفافية الصفقات العامة ومكافحة الفساد" في إفريقيا. كما تم بهذه المناسبة توقيع وثيقة بعنوان "إعلان بياريتز من أجل شراكة بين مجموعة السبع وإفريقيا". لكن المبادرة الملموسة الوحيدة هي قرار مجموعة السبع منح قرض بقيمة 251 مليون دولار لبنك التنمية الإفريقي في إطار مبادرة دعم ولوج المرأة لمصادر التمويل في إفريقيا (أفاوا) لفائدة ريادة المرأة في إفريقيا، ويتعلق الأمر، وفقا لرئيس البنك الإفريقي للتنمية، ب"أهم" جهد مالي لصالح المرأة في تاريخ القارة. ويهدف العمل الإيجابي لتمويل المرأة في إفريقيا (أفاوا)، الذي تم إطلاقه في عام 2016، إلى فتح باب الولوج إلى التمويل أمام رائدات الأعمال، وإحداث آلية للتمكين الاقتصادي لهن. باختصار .. خلال الأيام الثلاثة التي استغرقتها أشغال قمة مجموعة السبع، استعادت الدبلوماسية حقوقها كاملة. من خلال المراهنة على عدم الاتفاق بأي ثمن، وتمكن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون من إحراز تقدم، وذلك وفقا للمراقبين. وتم تحديد موعد لقمة مجموعة السبع المقبلة في عام 2020 على الأراضي الأمريكية. وقد بدأ دونالد ترامب، بالفعل، بالحديث عن اقتراح استضافتها في أحد ممتلكاته بميامي. *و.م.ع