عبّر مجموعة من الفاعلين السياسيين والثقافيين والدينيين، الإسلاميين واليساريين المغاربة، عن "رفضهم التام لمواد القانون الإطار، التي فرضت اللغات الأجنبية لتدريس المواد العلمية وغيرها في كل أسلاك التعليم"، واعتبروا ذلك "شرعنة قانونية لفرض التدريس باللغة الفرنسية، وتمكينا للمد الفرنكفوني بكل تجلياته في منظومة التربية والتكوين والأخطر من ذلك مختلف مجالات الحياة العامة بوطننا". وندّد الفاعلون ب"الإجراءات الاستباقية المنفردة، التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية، بتعميم تدريس الباكالوريا، وشهادة الإعدادي باللغة الفرنسية، وفرضها تدريس العلوم بالابتدائي، في خرق سافر لمنطوق الدستور والمرجعيات الوطنية المتوافق حولها "، وِفْقَ بلاغ لهم. ووقّعت على البلاغ مجموعة من الوجوه السياسية والثقافية والدينية المعروفة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الأكاديمي محمد بلبشير الحسني، والأستاذان المتخصّصان في اللسانيات عبد القادر الفاسي الفهري وعبد العلي الودغيري، ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، ورئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فؤاد بوعلي، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، وعضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان محمد حمداوي، ورئيس حركة التوحيد والإصلاح عبد الرحيم شيخي، والأستاذ الباحث مصطفى القباج، وعضوة الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة حسناء قطني، والقيادي الاستقلالي امحمد الخليفة، والباحث عبد الصمد بلكبير، والنائب البرلماني المقرئ الإدريسي أبو زيد. هذه المبادرة التي فتحت باب المشاركة في وجه كل الشخصيات والهيئات الوطنية، اعتبرت أنّ تصويت البرلمان المغربي بغرفتيه على مشروع القانون الإطار رقم 51.17، المتعلّق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، قد خلّف "استياء وتذمّرا كبيرين، ولاسيما المادتين 2 و31 اللتين أثارتا جدلا واسعا لدى جميع أطياف الشعب المغربي؛ بسبب انتهاكهما الصريح للفصل الخامس من دستور المملكة، وتهديدهما لثوابت الأمة المغربية وهويتها ووجودها عبر التاريخ، ولتشكيلهما تراجعا خطيرا عن أحد أسس الدولة المغربية، وسيادتها، كما عبرت عن ذلك نضالات الشعب المغربي، وكتابات رجالات الحركة الوطنية". وحذّر البلاغ من "المخاطر المحدقة باللغة العربية، في ظل سعي مبهم، وغير مفهوم، وغير مؤسَّس علميا، لفرض التدريس باللغات الأجنبية في التعليم المغربي، بعيدا عن المعرفة العلمية والقراءة الموضوعية لسبل النهوض بالمدرسة المغربية"، مضيفا أن كلّ هذا قد تمّ "تحت عناوين الهندسة، والتناوب، والانسجام اللغوي، وخلطٍ مقصود بين تدريس اللغات، التي نؤمن بضرورة تعلمها وإتقانها، ولغات التدريس التي وجب أن تقتصر على اللغتين الرسميتين الواردتين في الدستور". وأعلن الموقّعون عن "التزامهم وعزمهم الوقوفَ في وجه كل محاولات الفرْنَسة"، وزادوا معبّرين عن "استعدادهم الجماعي، لخوض كل الأشكال النضالية المشروعة، لإيقاف هذا المنحى التراجعي الخطير، الذي يهدد الكيان الوطني، ويمس قيمه المشتركة ومستقبل أجياله، ويقضي على الإشعاع الثقافي للمغرب"، داعين "الشعب المغربي قاطبة، بكل مكوناته، إلى التسلّح باليقظة والحذر، للتصدي لكل ما يهدد مستقبل لغته ومقومات هويته وانتمائه الحضاري وتاريخه المجيد". وأكّد فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف المغربي من أجل اللغة العربية، في تصريح لهسبريس، أن الغاية من اللقاء لم تكن هي إصدار بلاغ فقط، بل اجتماع حول القانون الإطار وكل ما يتعلّق به، والإعلان في نفس الوقت عن بداية مبادرة من أجل تشكيل تكتّل، لتنسيق الجهود من أجل "مقاومة المدّ الفرنكفوني". ووضّح بوعلي أن غاية اللقاء كانت هي "وضعَ إستراتيجية للعمل، من أجل النهوض باللغة العربية، ومقاومة هذا المدّ، بعد استقالة السياسي، وتخلّيه عند دوره، مما يعني أن على المجتمع المدني أن يقوم بأدواره، للحفاظ على الهوية".