يبرز في العالم اليوم نقاش وتفكير عميقان بخصوص ثورة جديدة ستجتاحنا، بوعي منّا أو بدونه، وستشكل قطيعة مع ماضي البشرية، وتؤسس لمفاهيم اقتصادية واجتماعية جديدة، ستجد معها كل الدول نفسها في سباق لامتلاك التكنولوجيا والمعطيات من أجل تقوية نفوذها الاقتصادي والمالي. إنها الثورة الصناعية الرابعة وتأثيرها على العالم والبشرية. فهل نحن في المغرب بمنأى عن هذه الثورة؟ وهل سيستطيع بطبيعته الاستهلاكية للتكنولوجيا أن يواكب البقية التي تراهن على امتلاك المعطيات الكبيرة Big Data بدل الموارد الطبيعية؟ هي لحظة تفكير عنوانها "الشباب وتحديات الثورة الصناعية الرابعة"، نظمت، مساء الاثنين، بوزارة الشباب والرياضة، من طرف المنتدى المتوسطي للشباب بالمغرب، وجمعت شبابا رائدا في مجال التكنولوجيا والاقتصاد للتفكير في الكيفية التي يستطيع بها المغرب العمل على جعل "ثورة الذكاء الاصطناعي" مدخلا لولوج المستقبل. وقد أجمع الحاضرون، خلال لحظة التفكير هذه، على أننا في المغرب "مرغمون على الدخول في هذه الثورة، حتى لا نكون ضحية لها، كما كنا قبل ذلك ضحية العولمة، نعيش ملامحها حاليا وسنخضع لها مستقبلا، عندما ستصبح معاملاتنا لا تحتاج لأشخاص. ستنقرض مهن رغما عنّا لتولد أخرى رغما عنّا أيضا، لذلك فالمطلوب هو تأهيل الشباب اليوم لما ينتظره في المستقبل". وخلال هذه "الندوة" أعطى جمال أغماني، وزير التشغيل والتكوين المهني سابقا، مثالا على تأخر المغرب عن سابقيه في التصنيع بمجال التكوين في تصنيع السيارات، فالشباب المغربي مكوّن على أساس إصلاح السيارات، وعندما جاءت شركة "رونو" للسيارات إلى المغرب كانت الصفعة عندما قالت إن "منظومتكم التكوينية غير مناسبة لشركتنا، نحتاج مصنّعين لا مصلّحين". وخلال تدخلها، اعتبرت خديجة الإدريسي جمالي، مقاولة وخبيرة في التواصل والشؤون العامة، أن الثورة الصناعية الرابعة "غير مسبوقة، سواء من حيث سرعتها التي تستلزم المتابعة المستمرة، أو من حيث اختراقها كل الحدود الجغرافية، فلا سيادة وطنية معها، وأيضا من حيث آثارها التي تمسّ كلّ شرائح المجتمع". وأضافت أن "40 في المائة من المهن التي ستمارس في المستقبل لا وجود لها اليوم"، وأن التحدي المطروح يوجد في "حلقة الوصل بين المهن التي ستنقرض وتلك التي ستخلق". وتساءلت الخبيرة في معرض حديثها عن مدى وعي سيّاسيّينا بمسألة الثورة الصناعية الرابعة، ومدى تفكيرهم بجدية في الاستفادة من الدول المتقدمة في المجال. وأضافت "من الجيد الذهاب إلى إفريقيا واقتسام تجاربنا معها، لكن من الجيد أيضا أن نتوجه إلى الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا لنستفيد بدورنا من تجاربها". وأوضحت أن "الانخراط ينبغي أن يبدأ من طريقة تربية أطفالنا، ففي البيضاء مثلا هناك عائلات ترى بأن الدولة غير قادرة على منح أبنائها منظومة تعليمية تؤهلهم للخمس عشرة سنة القادمة، فاختارت تدريسهم عن بعد بأنظمة تضمن لهم الانخراط في الثورة التكنولوجية القادمة". بدوره، قال وديع آيت حمزة، رئيس منظمة "غلوبل شايبرلز للشباب الريادي" بسويسرا، إن الثورة الصناعية الرابعة يجب الحديث عنها باعتبارها "منظومة متطوّرة لا تنتظر البطء الذي تعرفه صياغة القوانين"، فالدولة هي "من عليها مسايرة تطورها"، يضيف آيت حمزة. *صحافية متدربة