بعد صدور أحكام بعقوبة الإعدام في حق المنفذين الثلاثة لجريمة شمهروش، أصدرت ثلاثة ائتلافات مغربية بياناً تدعو فيه إلى وقف هذه العقوبة، معتبرةً أنها غير مراعية لأحكام الدستور وفلسفته التي تنص على ضمان الحق في الحياة لكل إنسان. البلاغ أصدره، اليوم الجمعة، كل من الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وشبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام بالمغرب وشبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام وعنونته: "ضد الجريمة، ضد الإفلات من العقاب، وضد عقوبة الإعدام". وأدان البلاغ الفعل الجرمي، الذي ارتكبه الجناة في حق الضحيتين الإسكندنافيتين، وقال إنه "سلوك همجي مرفوض ومدان". لكن الائتلافات أكدت من جديد على موقفها الثابت الرافض والمناهض لعقوبة الإعدام، وقالت إن "مقتضيات الدستور وفلسفته تفرض على الدولة وعلى كل مؤسساتها التقيد التام بالمعاني السامية التي نص عليها المادة العشرون من الدستور والذي تتعارض في مبناها ومعانيها مع عقوبة القتل". وأشار البلاغ إلى أن "سلطات الدولة والسلطة القضائية مقيدة بالتفسير العقلي والعميق لقيم الدستور وللحق في الحياة والمقيدة بروح المواثيق الدولية و المكتسبات الحقوقية". وقالت الائتلافات الثلاث: "القتل جريمة بشعة تستحق العقاب، وعقوبة الإعدام بشعة تستحق الإلغاء"، مضيفةً أنها "ليست فقط نقطة خلافية كما يصيح المحافظون الذين يستعملون الشرع والشريعة لأغراضهم الإيديولوجية والسياسوية ويؤمنون بشق من الكتاب ويكفرون ببعضه الآخر، يسبحون بالإعدام ويرفضون قطع اليد والرجم وغيرها من العقوبات". وجاء في البلاغ أن "عقوبة الإعدام جريمة مستمرة وراء القانون؛ لكنها لا تختلف عن همجية المتطرفين الذين يخفون حقدهم وراء الدين ليقتلوا بعد عملية غسل أدمغتهم، ومن هنا وجب إلغاؤها دون تردد وبصفة نهائية". واعتبر الموقعون على البلاغ أن "إلغاء عقوبة الإعدام عنوان نضج سياسي وفكري وإنساني وحقوقي لا يقبل المساومة ولا الانتقائية والانتظار، كما أن المطالبة بإلغائها هو الموقف الذي يميز ما بين المؤمنين حقيقة بحقوق الإنسان وبمفهومها الكوني وما بين المتاجرين المرتزقين بها". وأشار البلاغ إلى أنه ظهر، عبر التجارب، أن الإعدام لم يكن يوماً وازعاً لتقليص الجريمة ومخاطرها أو رادعاً لها. وعبّر عن "أسف الائتلافات الموقعة من استمرار البرلمان في قبول عقوبة الإعدام واستمرار المحاكم بالنطق والحكم بها كعقاب دون تقدير للدور الذي تلعبه هذه العقوبة في خلق الفتن مثل التأثر وصب الانتقام داخل المجتمع كما كان عليه الأمر إبان القرون الوسطى". كما شدد الموقعون على أن "كل حكم بالإعدام عنوان لمحاكمة غير عادلة في حد ذاته، ولو كان قضاتها عادلون"، ودعوا "الحكومة والبرلمان إلى إعادة النظر في قناعاتهم وفي ثقافتهم وفي متاهات التأويلات الخاطئة". وكانت محكمة سلا قد قضت، أمس الخميس، بالإعدام في حق المتهمين الثلاثة الرئيسيين في تنفيذ "جريمة شمهروش" التي راحت ضحيتها سائحتين إسكندنافيتين نهاية العام الماضي نواحي مراكش، ويتعلق الأمر بكل من عبد الصمد الجود ويونس أوزايد ورشيد أفاطي. كما قضت هيئة الحكم ذاتها على عبد الرحمان خيالي بالسجن المؤبد، وقضت في حق الآخرين بأحكام بالسجن النافذ بمدد تتراوح ما بين 5 سنوات و30 سنة؛ في حين قضت لذوي الحقوق من الطرف النرويجي بمليوني درهم، سيؤديها المتهمون الثلاثة الرئيسيون.