مع نهاية كل سنة دراسية، تسارعُ الكثير من الأسر المغربية إلى تسجيل أبنائها في المخيمات الصيفية التي تنظمها جمعيات تعنى بالطفولة والشباب، من أجل تأطيرهم من خلال مختلف الأنشطة التربوية والثقافية والترفيهية التي تصقلُ مواهبهم الإبداعية وتنمي ذكاءهم. ويعتبرُ برنامج "عطلة للجميع"، الذي أطلقته وزارة الشباب والرياضية بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم، من الأنشطة الترفيهية والتكوينية التي تستهدفُ مجال الطفولة واليافعين، ومن خلاله تتيح للجمعيات المعنية تنفيذ أنشطتها التخييمية والاستفادة من البرنامج الوطني للتخييم. الترويح عن النفس، والعمل الجماعي، وتعلم قيم السلام والمواطنة والعمل التطوعي، والمشاركة الفعالة، ما يحفز الكثير من الآباء على تسجيل أبنائهم في المخيمات الصيفية، لملء شبح الفراغ الذي يقلقهم نهاية كل سنة دراسية، وهو ما تؤكده جميلة، أم مستفيدة من مخيم صيفي هذه السنة، بالقول: "أرسلتُ ابنتي إلى مدينة العرائش للاستفادة من مخيم صيفي، ولتتمكن من الاندماج أكثر مع باقي المستفيدين، وتتعلم الكثير من القيم الإنسانية والاجتماعية، وفي الوقت نفسه لتقضي عطلة ممتعة". وتضيفُ المتحدثة في تصريح لهسبريس: "يجب أن نتيح لأطفالنا فرص التكوين والترفيه بعيدا عن المنزل، فالطفل حين يسافر يتعلم الكثير من القيم، ومنها الاعتماد على النفس، وهذا ما يعزز ثقته بذاته وإقباله على ورشات ترفيهية وتكوينية تساعده على تطوير شخصيته". وللمؤطر دور مهم في إنجاح المحطات التخييمية الموجهة للطفل، وفي هذا الصدد تكثفُ الجمعيات المعنية من برامج تكوين المؤطرات والمؤطرين على مدار السنة استعدادا للمخيم الصيفي. سعدية ميلود، مؤطرة تربوية تشتغل منذ سنة 2014، بعدما راكمت تجربة الاحتكاك بالأطفال، بِحكم عملها كأستاذة في المدرسة العمومية، وتقولُ في هذا السياق: "احتكاكي بالطفل مستمر، لأني أؤمن بأنه يجب أن يحظى بتربية سوية فيها الكثير من القيم المهمة في حياته وتكوينه الشخصي، ثم لأن المدرسة والمنزل لا يكفيان من أجل تكوينه". وعن أهمية المخيم الصيفي، تضيف المتحدثة، في تصريح لهسبريس: "يعتمد الطفل على نفسه بدل أن يعتمد على والديه، ويوفر له المخيم وسطا يبدع فيه ويتربى على قيم متنوعة، ويعبر عن مواهبه التي لا يستطيعُ الآباء أن يستخرجوها منه". وفي ما يتعلق بتردد وتخوف الآباء من إرسال أبنائهم إلى المخيمات، تورد المؤطرة نفسها: "تخوف الآباء يمكن أن يكون نتيجة الملاحظات التي تسجل على بعض الجمعيات، ولكن لا يمكن أن نعمم الحديث عن أن كل الجمعيات تهمل قيم التربية لدى الطفل. يجب فقط التأكد من أنشطة الجمعية". وأفادت المتحدثة بأن "الآباء لا يجب أن يضيقوا على الطفل ويتركونه حبيس المنزل، فلا بد أن يواجه المجتمع، ليحصن نفسه من السلبيات، ولا بد من التكامل بين المدرسة والبيت والمجتمع من أجل تربيته".