أثار مسلسل "الكاتب" اللبناني، الذي عرض في رمضان، جدلاً كبيرا بين من اعتبره عملاً متفرّدا يحمل من الجدّة والمتعة الكثير، وبين من وجه إليه انتقادات عديدة، خصوصا فكرة المسلسل التي لفت كثيرون الانتباه إلى أنها مأخوذة من هذا العمل أو ذلك. انتقادات لم تكن كافية لتنال من حظ المسلسل من المتابعة، سواء على القنوات أو على منصة "نتفليكس" التي قامت ببث حلقاته أيضا، حيث كانت الأجواء والأحداث والشخصيات كفيلة بانتزاع انتباه المشاهد الذي وجد نفسه أمام عمل درامي عربي يختلف كثيرا عمّا سبقه. يحكي المسلسل قصة الكاتب يونس جبران (باسل خياط) الذي يجد نفسه متهما بجريمة قتل عشيقته، قبل أن تتوالى الأحداث الغامضة التي لا تكشف عن أسرارها إلا في آخر حلقة. الفنانة اللبنانية "ندى أبو فرحات"، التي لعبت دور طليقة يونس جبران، من شخصيات المسلسل الرئيسية التي شهد لها كثير من المتتبعين بأدائها للدور بتمكّن شديد، كان لهسبريس معها الحوار التالي: دعينا نبدأ بالحديث عن مسلسل الكاتب، بعد آخر مسلسل لك وهو "لعبة الموت"، الذي مرّت عليه 6 سنوات كاملة، كيف قرّرت العودة من جديد إلى الدراما العربية؟ وهل لنا بتفاصيل اختيارك لدور طليقة الروائي "يونس جبران" الذي يلعب دوره الممثل باسل خياط؟ في الحقيقة ابتعدت عن التلفزيون لأسباب كانت لها علاقة بارتباطي بالمسرح بالدرجة الأولى، حيث كنت أشتغل بمعدل مسرحية في السنة، بكل ما يحمل المسرح من اختلاف عن عالم التلفزيون، وكذا لأسباب أخرى لها علاقة بنوعية الدراما الموجودة بشكل عام، التي صارت تعتمد على العارضات وملكات الجمال أكثر من اعتمادها على الممثلات. عندما قررت العودة كان ذلك فعلا، ودون مكابرة، بطلب من الجمهور، وكذا بسبب حبي لأعمال رامي حنا، حيث اتصلتُ به وأخبرته برغبتي في الاشتغال معه، لأنني كنت أريد العودة من خلال أعماله راقية الذوق، وازدادت رغبتي بوجود شركة الإنتاج "إيغل فيلم" المعروفة بصيتها الممتاز، خصوصا في الدراما اللبنانية. أدّيت دور الطليقة المنكسرة بشكل رائع ولم يشعر المشاهد ولو للحظة بخيوط الدور تفلت من يدك، فاستطعت أن تتقمصي الشخصية بشكل كامل، شكلاً ومضموناً، إلى درجة التماهي معها.. ما هي العناصر التي ساعدتك على ذلك في نظرك؟ لا أخفيك سرّا لو قلت إنني أحببت الشخصية جدّا، وأحببت أكثر كتابة ريم حنا والمفاجآت الموجودة بالقصة عموما، المكتوبة بطريقة غير اعتيادية في الدراما اللبنانية، حيث يتطلب المسلسل تحليلا وتركيزا يكسبان المشاهدة لذّة حقيقية، فمسلسل "الكاتب" لا يصلح لمن يشاهد التلفزة من أجل تمضية الوقت. هي أول مرة ألعب فيها شخصية المرأة الضعيفة المتكلة على الرجل، والشخصية لم تفلت مني ولا لحظة، لسببين قويين يتمثلان أولا في إدارة رامي حنا الرائعة، وثانيا في التكنيك لتحضيري الذي كنت أعتمده للدور، فأنا أخلط بين تقنيتي "مايسنر" و"ستانيسلافسكي" لتساعداني لأبقى داخل جوّ الشخصية، قلقة وخائفة وكثيرة البكاء. وبخصوص هذه الأخيرة، فأنا لست من نوع الممثلات اللائي يضعن أي مستحضر كيماوي من أجل استدرار الدموع، وكلّ دموعي بالمسلسل كانت حقيقية، فأنا أستطيع دخول جوّ الحزن والخروج منه، بمساعدة المخرج طبعا، مما جعل العمل متعبا لكن ماتعا. قيل الكثير في مسلسل الكاتب، نقداً ومدحاً، لكن دعينا نركّز قليلا على رأي ندى كمتفرّجة وليس كممثلة، كيف رأيت المسلسل بشكل عامّ؟ هل تتفقين مع بعض الانتقادات التي قيلت في حقه من قبيل سرقة الفكرة من مسلسل أجنبي وكذا الأداء "الضعيف" لبعض الممثلين؟ طبعا، من الممكن جدّا أن تكون بعض تفاصيل المسلسل مستوحاة من أكثر من قصة أو فيلم، لكن أن يتم نقل حلقات كاملة أو فكرة كاملة كما يقول البعض فهذا غير معقول، طبعا أجواء المسلسل فيها الكثير من أجواء روايات "كارلوس زافون" و"أجاثا كريستي"، وهذا أمر عادي جدّا ولا عيب فيه. أما إن كان هناك نقاد يريدون الحديث فعلا عن نسخ الأفكار، فليتحدثوا عن أفلام لبنانية حائزة على جوائز شهيرة منقولة بالكامل عن أفلام تركية وإيطالية، لكن أن يتم انتقاد هذه الجزئية في دراما بهذا المستوى والرقي وهذا الانتباه على كل جملة وتفصيلة، وبهذه الحبكة وتماسك الشخصيات، والكشف عن شخصية المجرم في الحلقة الأخيرة بتلك الطريقة، فإنني أعتقد هنا أن النقد سيكون ظالما، خصوصا أن المفروض في النقد أن يركز على التفاصيل لا على مثل هذه الاتهامات الغريبة. أما بخصوص أداء الممثلين، فأظن أنهم أدوا، كمجموعة، واحدا من أفضل الأعمال الدرامية اللبنانية مجسدا في مسلسل "الكاتب". عموما، اختيار نتفليكس للمسلسل كافٍ جدّا ليدلّ على معيار الجودة الذي ارتقى إليه، لكن هذا لا يمنع من أنّ حبكة المسلسل حملت ثغرات كثيرة واضحة، كمثال على ذلك: ارتكاب المحامية لجميع جرائمها دون أن ترصدها كاميرا مراقبة واحدة؟ صحيح، اختيار العمل من طرف نتفليكس لم يكن عبثا، وهو دليل على تفرّده وتميزه. أما بخصوص جزئية المحامية، فأظن أن السيناريو يظهر من الأول أن المحامية بارعة وتنتبه للتفاصيل، فكل الأماكن التي وقع اختيارها عليها إما لم يكن بها كاميرا مراقبة، أو أنها أخفت هويتها من خلال الملابس التي كانت ترتديها.