صدَحَت قباقبُ وآلاتٌ وتريةٌ وأنغامٌ قادمة من العمق الإفريقي في مختلف ساحات وشوارع مدينة الصويرة، بنهاية الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الصويرة وموسيقى العالم، اليوم الأحد. وتحلّقت ساكنة وزوّار المدينة حول أنغام فرق مغربية عزفت موسيقى "كناوة" و"أحواش" و"حمادشة" و"عيساوة"، وإيقاعات موسيقية ورقصات سينغالية، لتودّع في جوّ من البهجة والحبور حظّها هذه السنة من فعاليات مهرجان الصويرة. وتمرْكَزَت هذه المواعيد الموسيقية المتزامنة في ساحتي "باب السبع" و"الساعة"، وفي موقعين مختلفين من شارع محمد الخامس في الصويرة، لتطرب مسامع المارة، وتَسُرَّ أنظارهم، وتدفعهم إلى التمايل طربا، ساعة قبل منتصف النهار، لتسدل بعد ذلك ستارَ هذا الموعدِ العالميِّ التصفيقاتُ التي تلتْ آخرَ دقّات قباقبها، وضربات طبولها، وموسيقى أوتارها. وفي رحلة استكشافية لموسيقى ثلاث قارات، التقى مرتادو المهرجان طيلة أربعة أيام فنانينَ مزجوا موسيقى كناوة بموسيقى الرومبا الكوبية وموسيقى البلوز وغيرها من الألوان الفنية العالمية، والتقوا بأنغام من غينيا، والمملكة المتحدة، وإسبانيا.. كما كانوا على موعد مع حفلات مبهرة مثل سهرة فرقة تيناريوين" ذائعة الصيت، ونغمات ملائكية أتحفت بها الفنانة المغربية نبيلة معن، على سبيل المثال لا الحصر، جمهورَ المهرجان. ولم يقتصر مهرجان كناوة على تنظيم "حفلات المزج" التي تجمع فناني العالم لترى النورَ إبداعاتٌ جديدة، والليالي الرباطية والشمالية والصويرية التي كانت فرصة التقى فيها الجمهور مع كبار "معلمي تكناويت"، أي المتمكّنين الكبار من فن كناوة، بل كان أيضا مناسبة عقد فيها منتدى الصويرة لحقوق الإنسان دورته الثامنة واضعا قوة الثقافة في مواجهة ثقافة العنف مع شخصيات ثقافية؛ من بينها: ماحي بنبين، وإدوي بلينيل، وأمينة بوعياش، وعبد الكريم جويطي، ومحمد عبد الوهاب رفيقي. وتذكّر المهرجانُ الموسيقيَّ الراحل راندي ويستون، وكرّمه بمعرض صور يشهد على مراحل اكتشافه جذوره الإفريقية مع موسيقى كناوة بالمغرب، ويوثّق مجموعة من حفلات الجاز التي أطرب بها المملكة، ويظهر بسماته وقسمات محياه المستمتعة وهو ينصت إلى دقات القباقب وأنغام كناوة لترافقها أنامله التي كان موئلها مفاتيح البيانو، كما أحيى ليلة شهد فيها "معلْمان" مغربيان على مرافقة "تجربته الإفريقية" لعشرات السنين، وتحدّث فيها مجموعة من العاملين معه ومرافقيه عن ذكراه، قبل أن يدعو المهرجان، صباح الأحد، محبي راندي والراغبين في التعرف على موسيقاه إلى متابعة فيلم وثائقي كان فيه دليلَ العالم داخل عوالم "الموسيقى المغربية".