الجمعة رقم 14 في حراك الجزائر(25/5/2019) هي جمعة بداية فتح باب جهنم على شمال إفريقيا، وبداية كشف الحقائق الخفية التي تدور في المنطقة، بين رؤوس الأجهزة الحاكمة، وعلاقاتها مع الدول التي تستغل ثروات المنطقة، وتمول المنظمات المدعوة بالإرهابية أو الانفصالية، وهي أيضا مرحلة ستكون مظلمة بسبب إطفاء أضواء وسائل الإعلام الداخلية في الجزائر وتواطؤ المغرب وتونس وموريتانيا في تطبيق التعتيم الإعلامي لتبقى فرنساً ودول الخليج وحدها مصدر الإعلام... من هنا تظهر صعوبة منهجية تناولنا لتحليل مرحلة الجمعة رقم 14، ومع ذلك سنحاول الاستمرار في الكتابة عنها، والربط بين مختلف ملابساتها داخل وخارج شمال إفريقيا والساحل، وطرح الأسئلة للشباب المخلص ليبحث عن الحقيقة، أمام صعوبة الأجوبة، كما يلي: توقف اعتقالات الشخصيات المنعوتة ب"العصابة" la bande. ويريد جهاز الحكم تحديد مفهوم "العصابة" في أفراد قليلين، يظهر أن اعتقالهم أريد منه تمرير شعارات محاربة الفساد بالتضحية بقليل من أُطر دولة "المجاهدين"، ليمثلوا أمام الجمهور. مسرحية هزلية ستكون نهايتها إطلاق سراحهم، وربما لا يمكن تصديق اعتقالهم، في غياب محامين يتحدثون عنهم، وزيارتهم داخل السجون، فيما عائلاتهم تزورهم بكل حرية.. ويتكرس الشك بصمت عائلات المعتقلين، التي بإمكانها الحديث عن ذويها المعتقلين ولو في الخارج، مثل فرنسا وكندا التي توجد فيها.. والمثال يمكن أخذه من خطيبة الصحافي خاشقجي التي فضحت قتله بتركيا، وكتابات عائلة الجنيرال أوفقير. نظرية الحفاظ على أُطر الدولة ينشرها قائد الأركان أحمد كايد صالح، ويقصد بها نفسه ومن معه، وهو نائب وزير الدفاع، ونتساءل: من هو وزير الدفاع؟ حسب قوانين تنظيم الدولة الجزائرية، وزير الدفاع هو خلف بوتفليقة، وبالاسم عبد القادر بنصالح، وهو يمثل في الواجهة السياسية حزب التجمع الوطني الديموقراطي RND، الذي يرأسه أحمد أويحيى، أحد أهم أفراد مسرحية محاربة الفساد، والمستقبل يطرح سؤال من يستطيع إقالة نائب وزير الدفاع؟ وهو قد بدأ يصف نشطاء الحراك ب"المندسين" ويفسخ التحالف بين الجيش والشعب الذي كان يخطب به، ولم يقدم بنصالح استقالته من الحزب. جمعة نهاية أجل الترشيح للرئاسة في موعد 4 يوليوز. عندما انتهى أجل الترشيحات قام الجيش بتطويق وقمع الحراك استعدادا للإنهاء الفعلي لرئاسة عبد القادر بنصالح، خاصة أنه عند تعيينه رئيسا للدولة لم يخلفه أحد في رئاسة مجلس الأمة، وحدث فراغان في رئاسة الدولة ورئاسة مجلس الأمة لتبقى الرئاسة الفعلية في يد سوناتراك المحروسة بالعسكر. جمعة الاعتقالات وتطويق المتظاهرين، وبسبب التعتيم الإعلامي لم يمكن تحديد عدد المعتقلين، وتحدثت بعض المصادر عن الموت والجروح. استقالة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصحراء هورست كوهلر يوم الأربعاء مرتبطة بحراك الجزائر، وجمود الديبلوماسية الجزائرية، وربما انتشر في صفوف مندوبية الأممالمتحدة الخوف من إفشاء الأسرار الديبلوماسية حول ملف الصحراء مع بداية فتح المواجهة بين الشعب والجيش في الجزائر، وهو ما يهدد وجود الكثير من المتلاعبين بملف الصحراء، ولهجوم عساكر العرب على طرابلس إحدى عواصم شمال إفريقيا التي يهددها الخراب بحضور الأممالمتحدة، فماذا ستفعل هذه المنظمة الآن في الصحراء بعد فشلها الذريع في ليبيا؟ وكيف ستحل مشكلة البوليساريو طويلة المدة؟ وما مصير المشاركين في المفاوضات التي كان يجريها كوهلر حول هذا الملف الخطير، الذي كان بوريطة والطيب الفاسي الفهري والعمراني من نجومه، ومعهم وزير الخارجية الجزائري السابق عبد القادر مساهل، الذي أصبح ينعت بعضو العصابة ومعرض للمتابعة القضائية؟ 6 - نزار بركة مبعوث المخزن المغربي إلى موريتانيا في مهمة سرية، والكل يعلم أن عائلة الفاسي الفهري تمثل جزءا من قمة المخزن العائلي الذي يوجد فوق الأحزاب، ولذلك فالمهمة لم تناقش في إطار حزب الاستقلال كما يتوهم البعض، ولا في العناية بالأحزاب. إبرام سوناتراك اتفاقية جديدة مع الأمريكيين حول استغلال بترول وغاز منطقة حاسي مسعود، يعتبر خطوة أمريكية، بعد إيطاليا في توظيف جمهورية سوناتراك في تكريس مصالحها داخل الجزائر على حساب الأوربيين وروسيا القريبة من عسكر الجزائر، وتبرير نظرية الحفاظ على أُطر دولة العسكر الذي يحرس في بلدان شمال إفريقيا استغلال البترول والغاز الطبيعي والفوسفاط والذهب والفضة والحديد، فهم حراس الثروات الطبيعية التي يغنمها الأجانب وحراسهم في حكم الداخل. 8 - توقيف التغطيات الإعلامية للحراك، التي كانت تنقل روبورتاجات ميدانية عن الحراك في كل المناطق، هو بدوره من عوامل انطفاء دور الأممالمتحدة استعدادا لمرحلة دموية مقبلة إن لم يحدث شعب الجزائر معجزة إنقاذ شمال إفريقيا في أول مرة من تاريخ هذه المنطقة.