تشهد مختلف مناطق سوس طيلة شهر رمضان من كل سنة تنظيم دوريات في كرة القدم بملاعب الأحياء بالمدن وبالفضاءات المهيأة لذلك بالمداشر والدواوير في البوادي، حيث يلتئم الشباب، تحت يافطة جمعيات محلية، ضمن فرق تتنافس طيلة الشهر المبارك من أجل نيل لقب بطل "الحي" أو "الدوار". وإذا كانت المدن والمراكز الحضرية توفر، في الغالب، الفضاءات المناسبة لممارسة هذه المنافسات الرياضية الرمضانية، فإن غالبية البوادي في سوس تفتقر إلى تلك الفضاءات، فلا يجد شباب هذه المناطق إلا البحث عن رقعة مناسبة لاحتضان المنافسات، حيث غالبا ما تتكفل جمعيات بكل إجراءات التنظيم، وضمنها تشكيل الفرق وتجهيز "الملعب"، وغير ذلك. ولا تخلو بادية أو قرية من دوري في كرة القدم خلال الشهر الفضيل، الذي غالبا ما تُلعب مبارياته قبل موعد الإفطار، فيما قليل منها ما تبرمج خلال الفترات الليلية، أساسا بعد صلاة التراويح، وكل ذلك يتطلب تشكيل لجنة منظمة تُشرف على السير العادي للمنافسات، من بدايتها إلى نهايتها، إلى جانب تنظيم المقابلة النهائية وحفل تتويج بطل السنة من الفرق المشاركة وتوزيع الجوائز عليها وعلى وأحسن هداف وأفضل فريق، وغير ذلك. وأوردت إفادات استقتها جريدة هسبريس من عدد من منظمي هذه المواعد الرياضية السنوية أن الهدف من الحرص على تنظيم الدوريات الرمضانية هو كونها فرصة لالتقاء شباب المنطقة وتجديد أواصر التعارف بينهم، لا سيما وأن معظمهم مغتربون بالمدن المغربية أو خارج الوطن، فيتجدّد اللقاء بينهم في هذه المنافسات الرياضية، إلى جانب إبراز المواهب الرياضية في هذه اللعبة، وإذكاء روح التنافس الشريف بين الفرق المشاركة. ويُلاحظ في الآونة الأخيرة تشكل لجان رياضية، أو جمعيات متخصصة في المجال الرياضي، داخل البوادي والقرى السوسية، ومن أبرز ما يُعهد إليها به، تسطير برنامج رياضي طيلة السنة، يكون الدوري الرمضاني إحدى ركائزه، التي لا تستقيم كل المنافسات الرياضية السنوية دون تنظيمه، بل والاجتهاد في الارتقاء بمستويات التنظيم إلى الأحسن، سواء من حيث التنظيم أو تجهيز الملاعب أو اختيار الفرق المشاركة، وغير ذلك. الاهتمام بهذه المواعد الرياضية الرمضانية أخذ بُعدا آخر، ففي اشتوكة آيت باها يجتهد منظمو هذه المنافسات في الرقي بمستويات التنظيم والتجهيز حتى تجاوزت بعض هذه البطولات طابعها المحلي اللصيق بالمدشر أو القبيلة إلى طابع إقليمي أو جهوي، من خلال استضافة مشاركات من جماعات ترابية مجاورة، وهو ما يجلب ويستقطب جمهورا شغوفا بمتابعة أطوار تلك المباريات، في أجواء تنافسية مبهرة وندية شديدة. الدوريات الرمضانية في سوس، وانطلاقا من التقدم الحاصل في طرق التنظيم، والتي يتجند لها شباب المنطقة من أجل إنجاحها، عادت في الآونة الأخيرة لتستهدف أبعادا أخرى تتجاوز الرياضة إلى جوانب ثقافية وهوياتية، وذلك من خلال إطلاق أسماء رياضيين أو فنانين من أبناء المنطقة، الذين وافتهم المنية، على هذه الدوريات (دوري بوبكر أنشاد، دوري الحسين شوقي، ...)، وهو ما يعتبره المنظمون عربون اعتراف وتكريم لأبناء هذه المناطق الذين قدموا الكثير في مجالات اشتغالهم، كما تروم التعريف بهم لدى الأجيال الصاعدة. وفي هذا الإطار، قال الحسين بسموم، فاعل جمعوي ابن المنطقة، إن المشهد الكروي اتسم في السنوات الأخيرة بتنامي وتناسل الدوريات الرمضانية والموسمية بشكل لافت، "ما جعل إقليم اشتوكة آيت باها يعتلي المراتب الأولى جهويا في تنظيم الدوريات الكروية، وعلى امتداد جل الجماعات بالإقليم، سواء السهلية أو الجبلية، بدون استثناء، وقد شكلت الجمعيات التنموية والرياضية قطب الرحى ولعبت الدور الأساسي في هذا الزخم الكروي منقطع النظير ولعدة اعتبارات وأهداف". ومن هذه الأهداف، وفقا للمتحدّث ذاته، "تشجيع الشباب والساكنة على ممارسة كرة القدم، تحبيب كرة القدم والرياضة، كسر الروتين والرتابة القاتلة التي تتميز بها البوادي في ظل غياب المتنفسات والمؤسسات التي تعتني بالرياضة، سد الفراغ وانتشال الشباب من الشوارع والأزقة وإبعادهم عن العادات السيئة والقبيحة، خلق جو للتعارف وربط الماضي بالحاضر وإذكاء أواصر الصداقة". وعن الاكراهات التي تواجه المنظمين، قال الحسين: "رغم أن الجمعيات تناضل بإمكاناتها الذاتية لاستمرار هذه الدوريات، نجد شح بل انعدام الدعم من المجالس المنتخبة، اللهم من بعض الفتات الذي لا يعدو أن يكون بدلات رياضية أو بعض الكرات، ومن هذا المنبر نطلب من الغيورين على الحقل الكروي الإقليمي العمل على دعم هذه الدوريات من أجل استدامتها، كما نطلب من عامل الإقليم، جمال خلوق، التدخل لدفع المستثمرين وأصحاب وحدات التلفيف والضعيات للنهوض بالقطاع الرياضي عموما بالإقليم، ودعم الدوريات الإقليمية الرائدة".