المركز التربويّ الإسلامي في مكسيكو، وهو مسجد وحي عام للجالية المسلمة القليلة في العاصمة المكسيكية، ليس مكانا للصلاة فحسب؛ بل أيضا فضاء للالتقاء والتضامن والتنشئة الاجتماعية لمسلمي بلاد الأزتك. وقد جعلت هذه الأدوار المتعددة من المسجد الوحيد في هذه المدينة، التي تضم حوالي 25 مليون نسمة، فضاء يلقى إقبالا من أفراد الجالية المسلمة في مكسيكو الذين يرغبون في عيش أجواء شهر رمضان الفضيل كما ينبغي. وفي هذا الصدد، قال سعيد الوهابي، رئيس المركز التربوي الإسلامي في مكسيكو، وهو مغربي مقيم بالمدينة منذ حوالي عشرين عاما، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن مسجد مكسيكو يستمد أهميته من كونه المكان الذي يجدد فيه جزء كبير من المسلمين في هذه المدينة الصلة بثقافته وتقاليده الإسلامية؛ وهو ما يجعله أكثر من مجرد مكان "بسيط" لأداء الصلاة. وقال الوهابي إن المركز ينظم خلال شهر رمضان المبارك عمليات إفطار جماعي، تشكل لحظة توحد المسلمين الذين يلتئمون، في شهر الرحمة، حول مائدة يستحضرون من خلالها قيم التضامن والمساعدة المتبادلة ويجددون ارتباطهم بهويتهم الإسلامية في جو تسوده المودة والتعايش. وأكد عدد من أفراد الجالية المسلمة، في تصريحات مماثلة، أن المسجد، وفضلا عن وظيفته كفضاء للعبادة، يؤدي أيضا دورا اجتماعيا ، ويمكنهم من استعادة دفء وأجواء العائلة، معتبرين أن هذا المسجد يعكس جانبا من جوانب دين الإسلام السمح، وهو التعايش والتسامح بين مختلف الجنسيات التي تتردد على المسجد. وشددوا على أنه المكان الذي يلتقون فيه أشخاصا يقاسمونهم نفس الدين ونفس القيم، ويستحضرون بذلك جزءا من بعض ما تركوه وراءهم، معربين عن سعادتهم بمشاعر الود والمحبة التي تسود بين رواد المسجد. وبخصوص عمليات الإفطار التقليدية التي تنظم بالمسجد خلال شهر رمضان، أكدوا أن هذا البعد التضامني بين المسلمين يعكس الأهمية الرمزية للمسجد كفضاء للتسامح والتضامن يعزز الشعور المشترك بالانتماء إلى جالية قيمة. ومع تنامي أعداد المسلمين في العاصمة، يأمل مسؤولو المركز التربوي الإسلامي في بناء مسجد جديد؛ لكن كثافة النسيج الحضري للمدينة وعدم توفر أرض للبناء إلى جانب الأسعار الباهظة للقطع الأرضية تحول دون تحقيق هذا الحلم، حتى الآن على الأقل، حسب الوهابي. وفي انتظار ذلك، يواصل مسجد "بولانكو" لمّ شمل أفراد الجالية المسلمة الصغيرة في العاصمة مكسيكو للصلاة، ولعب دوره كفضاء لإشعاع قيم السلام والتسامح. *و.م.ع