كينيا تلغي التأشيرات الإلكترونية لجميع رعايا الدول الإفريقية وبينها المغرب باستثناء الصومال وليبيا    أيت ملول.. توقيف رجل عرض إبنة زوجته البالغة من العمر ثلاث سنوات للضرب والكي حتى الموت    الاتحاد الأوربي يدين اعتقال الجزائر للكاتب بوعلام صنصال ويطالب بإطلاقه    الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي بتنظيم التنقلات قبل السفر بمناسبة العطلة المدرسية    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم بالإجماع المبادرة المغربية للحكم الذاتي لصحرائه    تعادل مثير بين نهضة بركان وآسفي    شخص يقتل زوجته بسبب رفضها للتعدد    الرباط ونواكشوط نحو شراكة استراتيجية تاريخية في الطاقة والبنية التحتية    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    طنجة المتوسط يعزز ريادته في المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    شركة "باليراريا" تطلق أول خط بحري كهربائي بين إسبانيا والمغرب    نقابة موخاريق تهدد بالكشف عن "جهات" تفرض عليها "ضغوطا" خلال مناقشة قانون الإضراب في البرلمان    ترويج مؤهلات جهة طنجة في معرض "فيتور 2025" بمدريد    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف شرطي بسبب شبهة تحرش    حادثة سير مروعة تسفر عن وفاة 3 أشخاص (صور)    "الكوديم" يفرض التعادل على الجيش    الحكومة تطمئن المغاربة: وضعية تموين الأسواق ستكون جيدة في رمضان    الحكومة تكشف حصيلة "مخالفات السوق" وتطمئن المغاربة بشأن التموين في رمضان    بايتاس : الشائعات حول التلقيح تزيد من تفشي داء الحصبة    إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب.. وزارة الصحة تواصل تنفيذ التزاماتها بخصوص تثمين وتحفيز الموارد البشرية    فيلم "إميليا بيريز" يتصدر السباق نحو الأوسكار ب13 ترشيحا    مجلس النواب يعقد جلسته العمومية    المغرب يستعد لاستضافة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025 وسط أجواء احتفالية    الجزائر تسلم 36 مغربيا عبر معبر "زوج بغال" بينهم شباب من الناظور    المغرب يتألق في اليونسكو خلال مشاركته باليوم العالمي للثقافة الإفريقية    حركة "حماس" تنشر أهم النقاط التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    هناء الإدريسي تطرح "مكملة بالنية" من ألحان رضوان الديري -فيديو-    مصرع طفل مغربي في هجوم نفذه أفغاني بألمانيا    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    لحجمري: عطاء الراحل عباس الجراري واضح في العلم والتأصيل الثقافي    تفشي فيروس الحصبة يطلق مطالبة بإعلان "الطوارئ الصحية" في المغرب    مانشستر سيتي يتعاقد مع المصري عمر مرموش حتى 2029    هل فبركت المخابرات الجزائرية عملية اختطاف السائح الإسباني؟    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    المغرب يلغي الساعة الإضافية في هذا التاريخ    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    دوري لبنان لكرة القدم يحاول التخلص من مخلفات الحرب    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    أبطال أوروبا.. فوز مثير ل"PSG" واستعراض الريال وانهيار البايرن وعبور الإنتر    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    بوروسيا دورتموند يتخلى عن خدمات مدربه نوري شاهين    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    إسرائيل تقتل فلسطينيين غرب جنين    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية غورغون (الرأسمالية) وولادة عشتار (الاشتراكية)
نشر في هسبريس يوم 02 - 05 - 2019

يحتفل العالم في الفاتح من ماي من كل سنة بعيد العمال العالمي، والذي أصبح في جل البلدان مناسبة للاستمتاع بيوم راحة، أو الخروج في مظاهرات مرخصة للمطالبة بحقوق متدنية، لم تعد تلك المناسبة ترهب الملاك، فمنهم من يأثثها بحضوره، وكأنه غير معني بالأمر.
الطبقة العاملة تعاني في صمت، تتألم، لكن خلاصها ربما اقترب، فالصراع الإيديولوجي التاريخي ما بين الرأسمالية ( غورغون - في أساطير اليونان إحدى الأخوات الثلاث المُرعبات شعورهنّ كانت من الأفاعي ونظراتهنّ تمسخُ الرائي حَجَرًا-) والاشتراكية (عشتار هي آلهة الجنس والحب والجمال والتضحية عند البابليين)، أسيء فهمه، وهوما سنحاول توضيحه.
فالنظام الرأسمالي يحتضر برمته، وحلول الاقتصاديين الليبراليين انكمشت، فإذا كان مستحيلا التنبؤ بالتاريخ الدقيق للانحسار الاقتصادي الجديد، الذي قد يتسارع سيره أو يكبح حسب التطورات السياسية، فلا ريب أن الانتعاش الاقتصادي المنطلق في 2010 يسير إلى نهايته.
ومن مؤشرات ذلك، تراجع أداء البورصة الأمريكية منذ ستة أشهر، وتباطأ اقتصاد الصين بقوة (يقدر خبراءٌ نموَّه الفعلي بنسبة 2% بالأكثر في السنة الأخيرة)، كما يوجد اقتصاد ألمانيا، “قاطرة” أوروبا، في حالة استنفار، حيث شرع ناتجه الصناعي في انكماش منذ خريف عام 2018.
صراحة، وبعيدا عن التنظير، وبالتوافق مع دراسة أعدها الخبير الاقتصادي دافيد ماك نلي، فإنه لا يمكن الإلمام بقسوة الانكماش القادم بالمعطيات الاقتصادية وحدها. فالتداخل المعقد للعوامل الاقتصادية والسياسية حاسم. فعلى سبيل المثال، مدت الهدايا الجبائيةُ التي منحها ترامب للمقاولات الاقتصادَ الأمريكي بحوافز مصطنعة، كابحة لميوله الانكماشية. غير أن تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين قد يُسرع الانكماش الذي يلوح في الأفق ويفاقمه. كما أن أزمة مرتبطة ببريكسيت في بريطانيا من شأنها أيضا أن تفاقم تباطؤ أوروبا. وقد تلحق موجة حمائية جديدة الضرر بالنظام بمجمله.
ويمكن كذلك لتصدعات مالية أن تثير، من جانبها، الهلع في الأسواق النقدية، مع مفاعيل مدمرة في سياق انحسار جديد. حيث شهد الاقتصاد العالمي، منذ الصدمة الأخيرة، ارتفاعا للاستدانة في مستوى 000 75 مليار دولار، زهاء ثلثها في قطاع المقاولات. والحال أن قسما كبيرا من المقاولات المستدينة ضعيفة القدرة على السداد، وهذا لمبلغ يقدر الخبراء أنه يفوق مبلغ سوق الرهون العقارية عالية المخاطر- سوبرايم- السابق للصدمة الأخيرة، ومن ثمة خطر أزمة مالية تفجرية.
لقد بدأ انتعاش اقتصادي بطيء منذ العام 2010. لكن معدلات النمو والاستثمار ظلت ضمن الأكثر تواضعا فيما بعد الحرب. طبعا، أفلحت البنوك المركزية في تفادي كساد عالمي في 2008-2009. يصعب اليوم تذكر الرعب الذي استبد بالطبقات السائدة عندما كانت البنوك تنهار، من وول ستريت إلى فرانكفورت، ومن إيرلندا إلى أيسلندا، وعندما بدت اليونان عاجزة عن الوفاء بدين من مليارات الدولار، اعترف حينها أمين خزينة Hank Paulson بقوله " آنا مرعوب حقيقة "،واعترف بنكي من Merrill Lynch قائلا: ”عالمنا خراب”.
وحده أكبر تعويم بنكي في التاريخ أنقذ الطبقة السائدة، وقد كلفت الدورة الأولى من عمليات الإنقاذ تلك 13 مليار دولار بالولايات المتحدة الأمريكية، وتلتها دورات أخرى، وكذا جملة تليينات نقدية (quantitative easing) بالولايات المتحدة الأمريكية وبالصين وأوروبا. وطيلة عقد، أبقت بنوك العالم المركزية أسعار الفائدة في مستوى منخفض تاريخيا بقصد تقليص تكاليف المقاولات. ولا تزال تلك الأسعار سلبية (أدنى من نسب التضخم) في اليابان. وبهذا النحو تفادت البنوك المركزية انهيار المالية العالمية. إنه نجاح جزئي للرأسمالية، لكنه من أجل إعادة الهيكلة اللازمة لإنعاشه فقط.
فعلى كل حال أن الاقتصاد يعرف حالة من التدهور، وقد دفعت المخاوف بشأن الركود القادم بالبعض إلى اقتراح زيادة أسعار الفائدة، غير أن هذا لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشاكل في بعض الأماكن مثل إيطاليا، وقد يدفع ببلدان من منطقة اليورو إلى الركود، لكن من ناحية أخرى إذا لم يقم البنك المركزي الأوروبي بزيادة أسعار الفائدة، فلن يكون لديه أي آليات للتعامل مع الأزمة القادمة. سيعمل البنك المركزي الأوروبي على إنهاء برنامج التسهيل الكمي هذا الشهر، ومن المرجح ألا يحظى بفرصة لرفع أسعار الفائدة قبل حدوث الكساد القادم، الأمر الذي سيترك الاقتصاد الأوروبي في وضع خطر للغاية.
لا يستطيع القادة الأوروبيون السماح لإيطاليا بالسقوط في العجز، وهذا ما يفسر تعنتهم عندما يتعلق الأمر بالإنفاق الحكومي. كان إنقاذ اليونان صعبا، رغم أن دين الحكومة اليونانية لم يكن سوى 250 مليار يورو، أما دين إيطاليا فيبلغ 1,2 تريليون يورو. لكن إصرارهم على انضباط الميزانية لن يؤدي إلا إلى زيادة مزاج معاداة الاتحاد الأوروبي السائد أصلا في البلاد.
وفي الوقت الذي يواجه فيه ماكرون وميركل الأزمات داخل بلديهما، يبدو أنهما غير قادرين على القيام بأي إصلاحات في منطقة اليورو. تتعرض ميركل لضغوط داخل ألمانيا للتخلي عن دعمها لاقتصاديات أوروبا الجنوبية، ومن المرجح أن تواجه الإصلاحات الجديدة أو برامج الإنقاذ مقاومة شرسة من تلك العناصر في ألمانيا. أما وضع ماكرون فهو أسوء، حيث يتعرض للضربات من اليمين واليسار، ويرزح تحت ضغط حركة جماهيرية. إن الرصيد السياسي للقادة الأوروبيين قد تبدد، وسوف يتوجب عليهم بذل مجهودات خرافية من أجل العثور على الدعم لأي تضحيات أخرى للحفاظ على الاتحاد الأوروبي موحدا.
لقد أوضح الماركسيون دائما أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن يستمر إلا إذا استمر الاقتصاد ينمو. لكن تحت وطأة الأزمة ستعاود التوترات القومية الظهور على السطح. وهذا هوما نشاهده اليوم. لقد دفعت الأزمة المصالح الوطنية إلى الواجهة حيث أن الطبقات السائدة في كل بلد تدافع عن مصالحها الخاصة أولا. هذا ما يؤدي إلى صعود الحمائية على الصعيد العالمي، وكذلك إلى تفكك الاتحاد الأوروبي.
يتيح الكساد للرأسمالية التخلص من سموم جسمها. فإفلاس المقاولات الأقل مردودية يضمن للأخريات حصص أسواق إضافية. وبالتسريح وإغلاق مقاولات، يُضغط على الأجور نحو أسفل. وبإلغاء أنشطة، يجري تقليص تكاليف القروض. وبهذا يخفض الكساد تكاليف المقاولات، ويشجع تلك التي استمرت على إعادة الاستثمار. وبهذا النحو يمكن للنمو أن يستأنف مقابل عمليات تدمير ومعاناة إنسانية كبيرة (إغلاق المقاولات، فقد فرص عمل، فقر، تحطيم أحلام وآمال).
لذلك فالأزمة قادمة، وهي في رأينا هي أزمة وجود، انهيار نظام وقيام آخر، حيث لا يمكن مداواتها لأن تكلفتها جد مرتفعة، لكن البديل موجود، أردنا ذلك أم لا، ففي البيوغرافيا المشوقة، التي خصصها جاك أتالي لأشهر فيلسوف في العصر الحديث، تحت عنوان: “كارل ماركس أو روح العالم” (Karl Marx ou l'esprit du monde, Fayard, 2005). يقول مستشار فرانسوا ميتران: “عندما تقرأ أعمال ماركس بتمعن، تكتشف أنه انتبه قبل الجميع إلى أن رأس المال يحرر من كل استلاب سابق، كما نكتشف أنه لم يعتبر يوما أن الرأسمالية تحتضر، ولا أن الاشتراكية على مرمى حجر في أي من البلدان. على العكس من ذلك، بشر بالتبادل الحر وبالعولمة، وتنبأ أن الثورة لن تأتي، إذا ما أتت، إلا بعد ما تصبح الرأسمالية كونية، كي تتجاوزها”. لذلك الشيوعية قادمة بقوة، بالرغم من إخفاقات ارث تطبيقها المتسرع.
وكل عام وعمال العالم بألف خير،،،
*باحث في الشئون القانونية والسياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.