أُسْدِلَ الستار على أنشطة الجمعية الثقافية "جذور" بصفة نهائية، عشية الاثنين، بعدما قرّرت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء تأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق الجمعية، والذي يقضي بحلها بناءً على ملتمس من النيابة العامة، وسط استياء شديد بدا على وجوه الحاضرين في الندوة الصحافية الأخيرة للجمعية. وقررت "جذور" عقد لقاء أخير مع الجسم الإعلامي والحقوقي بمدينة الدارالبيضاء، حضره عشرات المدافعين عن الأفكار التي تترافع عنها الجمعية، حيث تم استعراض مختلف تمفصلات الحكم القضائي الصادر في حقها، منبهة إلى "التضييق الذي يطال الجمعيات الهادفة التي تدافع عن حرية التعبير بالبلاد". "هل العدالة تَقتُل؟"، سؤال قانوني طالما طُرح في أروقة الصالونات الفكرية التي تتناول نقاش مناهضة الإعدام في العالم، لكنه عاد ليرخي بظلاله على الندوة الصحافية، حيث أكد المشاركون في الندوة أن السؤال طُرح في موضوع الجرائم، متسائلين عن مبررات "القتل القضائي" الذي شمل أنشطة جمعية ثقافية يغيب فيها عنصر الجُرم. في هذا السياق، قال عبد السلام الباهي، محامي جمعية "جذور"، إن "المحاكمة بُنيت على ملتمس النيابة العامة، بعدما توصلت بمراسلة من قبل عمالة أنفا؛ تعتبر فيها أن الأنشطة التي نظمتها الجمعية مخالفة للقوانين"، مشيرا إلى كون "النيابة العامة يجب أن لا تتلقى أي تعليمات من قبل العمالة، لأن المصدر الوحيد ينبغي أن يكون من لدى رئيس النيابة العامة فقط". وأضاف الباهي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "استقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية تعتبر ضمن المسائل التي جاء بها دستور 2011 بصفة رسمية"، مبرزا أنه "لا يوجد أي شيء يثبت علاقة "جذور" بالأنشطة المنسوبة إليها، خاصة حلقتي شهر غشت من سنة 2018، وكذلك أنشطة شهر يناير من سنة 2017". وأوضح المحامي بهيئة الدارالبيضاء أنه "لا توجد أي حجة ثابتة في الملف تؤكد علاقة جمعية "جذور" بكل الأنشطة، فبالأحرى أن تكون هي التي أشرفت على تنظيمها". وزاد قائلا: "من عيوب ملتمس النيابة العامة، خلال المرحلتين الابتدائية والاستئنافية، نجد الحجج والوسائل التي تُثبت تنظيم الجمعية لتلك الأنشطة، لأن مراسلة العمالة تفيد بأنها المسؤولة عن عملية التنظيم". "يجب إعطاء المحكمة الحجج التي تدعي ذلك (التنظيم)، لكن ما زالت ثغرات لم تتم الإجابة عنها بعد"، يضيف المصدر عينه، مشيرا إلى أنه طلب خبرة بغية تأكيد حدود العلاقة بين الأنشطة وجمعية "جذور"؛ "على اعتبار أن مقر الجمعية شهد تنظيم حلقة أو حلقتين، بناء على مراسلة توصلت بها لإعارة المقر فقط، لكن ليست لها أي علاقة بالأنشطة". ومضى متسائلا: "هل الإعارة يمكن أن تكون دافعا للحل؟"، مضيفا أن "شعار الجمعية الذي ظهر في الحلقة لا يتعلق بتاتا بعملية الإشهار التي طرحتها النيابة العامة، لأن الجمعية أعارت مقرها للجهة المنظمة للنشاط، ومن ثمة فإن الأشياء التي ظهرت في الحلقة لم توضع في تلك المناسبة فقط، وإنما هي مرتبطة بالمقر، مما يعني أنه لا يوجد أي مرتكز حقيقي للإشهار، علاوة على أن المشارك في "جذور" حضر بصفة شخصية". وبخصوص الخطوات المستقبلية التي سيقوم بها أعضاء الجمعية الثقافية، صرّح عادل سعداني، رئيس جمعية "جذور"، لجريدة هسبريس الإلكترونية، قائلا: "لا أعرف ما سوف يحمله المستقبل، لكنني بالتأكيد لن أزود السلطات بكافة المعلومات التي تخص القادم من المراحل، نتيجة غياب حقوق جمعيات المجتمع المدني، بغية تقييم السياسات العمومية، وهي العملية المرهونة بمدى توفر حرية التعبير". وأكد سعداني أن "الجمعية ستتجه صوب القضاء، وهي مسألة مبدأ فقط، فالأمر لا يتعلق ب"جذور" فقط، وإنما يشمل المجتمع المدني الذي يتعرض للمضايقات"، مضيفا أن "الدولة لا تقوم بالخدمات المنوطة بها أمام الشباب، الأمر الذي يدفعهم إلى الارتماء في أحضان وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يجب التحذير من خطورة غياب الحس النقدي لدى الشباب، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تزايد منسوب التشدد الديني". وختم سعداني تصريحه بالتأكيد على أن "حرية التعبير هي صلب النموذج التنموي الجديد".