بدأ المصريون، اليوم السبت، التصويت في استفتاء يُجرى طيلة ثلاثة أيام على تعديلات دستورية تسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالبقاء في الحكم حتى عام 2030؛ وتعزز دور الجيش أيضا. ويقول أنصار السيسي إن "هذه التعديلات ضرورية لإتاحة المزيد من الوقت أمامه لاستكمال مشروعات تنموية وإصلاحات اقتصادية ضخمة". ويقول المنتقدون للرئيس، من جهة أخرى، إن "التعديلات تركز قدرا أكبر من السلطات في يد السيسي، وتعيد مصر إلى نموذج سلطوي". وعلى الرغم من أنه من المتوقع إقرار هذه التعديلات فإن مراقبين يقولون إن نسبة الإقبال على التصويت ستعد اختبارا لشعبية السيسي، التي تأثرت بإجراءات تقشف اقتصادية منذ عام 2016. وأعيد انتخاب عبد الفتاح السيسي، العام الماضي، بموافقة 97 في المائة ممن أدلوا بأصواتهم؛ ونسبتهم 41 في المائة من شريحة الناخبين. وطافت حافلة من طابقين تنطلق منها "الأغاني الوطنية" بميدان التحرير، مهد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، في 2011، بعد 30 عاما في الحكم. واحتشد أمام مراكز الاقتراع في الساعات الأولى من التصويت أشخاص يحملون الأعلام المصرية ويرتدون قمصانا كتبت عليها عبارة "اعمل الصح"؛ وهي التي كتبت على آلاف اللافتات في القاهرة قبل الاستفتاء؛ ورفضوا الإفصاح عمن قدم لهم أدوات الدعاية. وإذا تمت الموافقة على التعديلات فمن شأنها تمديد الفترة الحالية للسيسي من أربع سنوات إلى ست، والسماح له بالترشح مرة أخرى لفترة ثالثة مدتها ست سنوات؛ في 2024. وستجعل هذه التعديلات الرئيس يتحكم أيضا في تعيين رؤساء الهيئات القضائية والنائب العام من بين مجموعة من المرشحين تقترحها تلك الهيئات. وستوكل المراجعة الدستورية للقوات المسلحة مهام "صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحريات وحقوق الأفراد". استئثار بالسلطة في حي روض الفرج، بشمال القاهرة، قال طارق بدوي صاحب ال40 عاما، الذي يشارك في تنظيم الانتخابات، إنه يريد أن يدرس التعديلات قبل الإدلاء بصوته. وقال لرويترز: "فيه حاجات مش فاهمها. فيه حد قريبي النهاردة المفروض حتى أنا أقعد معاه يفهمي يعني". وأضاف "أنا مش هاصوت نعم أو لا من غير ما أفهم ايه اللي بيحصل". ويقول معارضو التعديلات إن الموافقة عليها تمت على عجل دون تمحيص عام ملائم. ويرى مسؤولون أن "المصريين من جميع الأطياف حصلوا على فرصة لبحث التعديلات"، وأن "المقترحات النهائية وضعت كل الآراء في الحسبان". وقال خالد داود، عضو الحركة المدنية الديمقراطية التي ترفض التعديلات: "لا يتيحون لنا وقتا حتى لتنظيم حملة لدعوة الناس إلى التصويت بالرفض". يردف المتحدث: "هذه هي الضربة القاضية الأخيرة بعد كل الطموحات التي كانت لدينا بعد ثورة 2011"؛ في إشارة إلى الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك. وجاء السيسي إلى السلطة بعدما قاد، عندما كان وزيرا للدفاع، الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، عام 2013، وسط احتجاجات حاشدة على حكمه. وانتُخب عبد الفتاح السيسي رئيسا في العام التالي، وفاز العام الماضي أيضا بفترة رئاسية ثانية مدتها أربعة أعوام. وتشهد مصر في ظل حكم السيسي حملة على المعارضة؛ وتقول جماعات حقوقية إن ذلك "لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر الحديث. وهناك رقابة صارمة على الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي". وقالت لينا الخطيب، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ب"معهد تشاتام هاوس"، إن "هذه التعديلات تمهد الطريق أمام الاستحواذ على السلطة من قبل السيسي". وأضافت: "ستكون لهذه التعديلات تداعيات خطيرة على مستقبل الديمقراطية في مصر على المدى المتوسط، وتجعل من الصعب تنافس أصوات سياسية بديلة على السلطة في المدى البعيد". ووافق مجلس النواب المصري، المؤلف من 596 عضوا و يهيمن عليه أنصار السيسي، على هذه التعديلات يوم الثلاثاء الماضي، وحصلت على أغلبية 531 صوتا مقابل 22 صوتا معارضا. ويحق لنحو 55 مليون شخص من إجمالي عدد سكان مصر، البالغ نحو 100 مليون نسمة، الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الذي ينتهي بعد غد الإثنين؛ ومن المتوقع إعلان النتيجة في الأيام التالية. *رويترز