لم يسْتغرق مقامُ رئيس الغابون، علي بونغو أونديمبا، في البلد الإفريقي الذي يحكمهُ منذُ سنة 2009 بعدَ وفاة والدهِ، إلا بضعة أيامٍ، فقدْ قرَّرَ "الرئيس المريض" العودة مجدداً إلى المغرب لمواصلة إعادة تأهيله، تاركاً السلطات في يد رئيسة المحكمة الدستورية ماري مادلين مبورانتسيو، التي تشكّل ركنا أساسياً في "نظام بونغو" منذ 30 عاماً. وتسرّبتْ أنباء من المحيط الرئاسي لبونغو أكدتْ أنَّ "صديق الملك محمد السادس غادرَ الغابون وعادَ إلى الرباط بعد مقامٍ قصير دام 48 ساعة فقط في العاصمة الغابونية لبروفيل، بعد أن ترأس سابقاً أول مجلس وزراء له منذ أكتوبر 2018، وعقد اجتماعاً آخر مع حكومته لم يستغرق إلا دقائق معدودات". ويفضّل بونغو الاستقرار في الرباط بينما تمرُّ بلادهِ من منعطفٍ سياسي كبيرٍ عقبَ فشلِ المحاولة الانقلابية التي قامَ بها ضباط شباب طالبوا بإزاحة "الرئيس المريض"؛ بينما نقلت مصادر فرنسية أنَّ "الرئيس الذي يتعافى في العاصمة المغربية استطاعَ ضبطَ الأمور لصالحه". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أنَّ بونغو أعجبَ كثيراً بالمغرب، وساهم ذالك في تحسن صحته؛ ويتابعُ فريقه من أخصائيي العلاج الطبيعي والأطباء المتخصصين تطور وضعه الصحي عن كثب، بينما تطالبُ المعارضة الغابونية بعودته إلى البلاد لرسمِ معالم نظام سياسي جديد. وكانت المعارضة والمجتمع المدني طالبا المحكمة الدستورية بإعلان شغور السلطة بموجب الدستور بسبب مرض الرئيس، لكنها لم تستجب للطلب ونقلت السلطات جزئيا إلى رئيس الوزراء ونائب الرئيس. "إنه غير مقبول. لا يوجد أي مبرر بالسماح للمحكمة بالتهرب من الدستور"، يقول جان كريستوف أوونو نغيما، نائب رئيس مجلس الشيوخ الذي يمثل المعارضة. وتدريجياً يعودُ بونغو إلى كاملِ عافيته، ولن يتطلّب الأمر وقتاً طويلاً ليعودَ إلى شعبه؛ "فقد ظهرَ في المستشفى العسكري في الرباط بالمغرب حيث تم تصويره من قبل القصر الملكي إلى جانب محمد السادس أولاً، ثم سارع ثلاثة من كبار المسؤولين الغابونيين نحو سريره"، تضيفُ مصادر فرنسية. وقال رئيس الوزراء الغابوني، إيمانويل إيسوز نغونديت: "لقد ألقى رئيس الدولة خطابا وهو يرى جيداً؛ إنه يتحدث جيداً". لكن "علي بونغو مازال في المغرب في فترة نقاهة مطولة؛ والمعارضة غير صبورة"، حسبِ التلفزيون الفرنسي. وقصد علي بونغو في أواخر نونبر الماضي المغرب، حيث كان في استقباله الملك محمد السادس، وتم تبرير هذا التحرك بمواصلة الرئيس الغابوني علاجه في الرباط؛ بينما شجع الصمت الرسمي والغياب المطول لبونغو عن بلاده في تقوية انتقادات المعارضة الموجهة صوب "فراغ السلطة القائم".