ناقش حقوقيون وباحثون سبل تطوير مدونة الأسرة، وخلصوا إلى أنه بعد مرور 15 سنة على وضعها بات تغييرها أمرا ملحا. وفي هذا الإطار، قالت لطيفة بوشوى، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء: "هناك دينامية في المجتمع حول مناقشة مدونة الأسرة وملاءمتها مع القوانين الدولية؛ إذ ظهرت عدة ثغرات من خلال تطبيقها خلال الخمس عشرة سنة الماضية". وخلال حديثها ضمن الندوة التي نظمتها الفيدرالية تحت عنوان "مدونة الأسرة: المساواة بين النساء والرجال بين التضارب والتلاؤم مع المرجعية الدولية لحقوق النساء"، أضافت بوشوى أن "ضرورة التغيير باتت لازمة انطلاقا من مستجدات الدستور، وأيضا من رفع المغرب لتحفظاته على الاتفاقيات الدولية لمنع التمييز ضد المرأة، وكذا نظرا للتحولات الديمغرافية العميقة التي يشهدها المجتمع والأسرة المغربية". وأوردت الفاعلة الحقوقية أن المجتمع يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التحولات المجتمعية الجديدة التي طرأت في سياق عالمي ووطني جديد، "لم تعد فيه الأسرة الممتدة، ولم تعد المرأة يعولها أبوها أو أخوها أو خالها أو أحد أفراد العائلة، بل باتت هي تعيل نسبة كبيرة من الأسر"، داعية إلى أن يكون وضع المرأة الاجتماعي والاقتصادي في صلب تغييرات مدونة الأسرة. وعددت بوشوى الإشكالات التي صارت تلازم النساء في المجتمع، قائلة: "ظهرت إشكالات زواج القاصرات، والتعدد، وأيضا المساواة ومراجعة الإرث، والمساواة في الحقوق الأساسية"، مضيفة: "كنا متفائلات حين وضع مدونة الأسرة، لكن اليوم نرى أنه كان هناك تأخر في تطبيق سليم وإيجابي للدستور في عدد من القضايا". وتابعت: "هناك إشكالات جد متعددة في الواقع المعيشي، فمثلا السنة الماضية توفيت 15 امرأة بسبب القفة، وبالمعبر الحدودي في سبتة ما تزال النساء يتعرضن للموت بسبب البحث عن الرزق". وانتقدت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء عدم إقرار واضح للمناصفة، ودعت إلى إطار يكون معياريا وقانونيا ينص على المناصفة كحق وليس كامتياز. من جانبه، قال أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب: "حين الحديث عن مدونة الأسرة، ينبغي أن لا نغفل حقيقة كون مدونة الأسرة تعتبر، مقارنة مع القانون السابق لها، ثورة في مسار المرأة المغربية". وأضاف: "فيما يتعلق بمجموعة من المجالات، أثبتت المدونة نجاعتها، خاصة ما يرتبط بحماية الطفل وقضايا الزواج، ناهيك عن الإجابة على الأسئلة الملحة آنذاك، بينما اليوم ظهرت أسئلة أخرى". ويرى سعدون أن مرور 15 سنة على صدور مدونة الأسرة مدة كافية من أجل الوقوف على مدى نجاعة هذا القانون في حل المشاكل التي كانت تواجه المرأة المغربية، والتساؤل حول "ما الذي كان عائقا أمام تطبيقها بشكل جيد؟ هل الأمر يتعلق بالنص القانوني أم الممارسة؟ أم بفهم هذا النص؟".