في أول تقرير إقليمي من نوعه حول حالة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2018، قالت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" إن حقوق الإنسان في المنطقة طالتها انتهاكات جسيمة من طرف السلطات، في غياب أيّ مساءلة من طرف المجتمع الدولي. وقالت فاطمة الزهراء ياسين، رئيسة منظمة العفو الدولية فرع المغرب، إن المنظمة سجّلت "انتهاكات مريعة" لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) سنة 2018؛ بينما وصف صلاح العبدلاوي، رئيس "أمنيستي" بالمغرب، الأرقام التي رصدها تقرير المنظمة حول انتهاكات حقوق الإنسان ب"المرعبة والمهولة". وتصدّرت تقريرَ منظمة العفو الدولية حول حالة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2018، والذي شمل 19 دولة، حالتان رئيسيّتان، وهما قتلُ الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول بتركيا، والجرائم المرتَكَبة من طرف الجيش الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، والمتمثلة أساسا في قتل المتظاهرين العُزّل في قطاع غزة. وقال محمد السكتاوي، مدير عام "أمنيستي" فرع المغرب، إنّ قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وجرائمَ إسرائيل في حق الفلسطينيين، تعكس حالة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متّهما المجتمع الدولي، وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا، بتشجيع حكومات منطقة "مينا" على انتهاك حقوق الإنسان، مقابل إبرام صفقات عسكرية وتجارية بملايير الدولارات. في هذا السياق، طالبت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي بحظْر تصدير الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخاصة بؤر التوتر، مثل اليمن وإسرائيل، "إلى أن يزول كل خطر حقيقي من احتمال استخدام تلك المُعدّات في ارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جسمية للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني"، كما دعتها إلى ضمان تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات أينما وقعت. واتهمت "أمنيستي" الدول الغربية الكبرى بتوفير "دعم غير مُعلن" للأنظمة السياسية الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، عبر قمْع المعارضين السياسيين والزج بهم في السجون، مشيرة إلى أنَّ حملة قمْع المعارضة ومنظمات المجتمع المدني واستعمال القوّة المفرطة ضدّ المحتجين ازدادت حدة بشكل كبير السنة الماضية في المنطقة، وخاصة في مصر وإيران والسعودية. تقرير منظمة العفو الدولية تضمّن أرقاما حول انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق وشمال إفريقيا وصفها مسؤولو المنظمة ب"المرعبة"؛ ففي إيران قامت السلطات باعتقال ما يزيد عن 7000 شخص من المحتجين والطلبة والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان سنة 2018، حسب ما جاء في التقرير، مشيرا إلى أنّ الاعتقالات "كانت في كثير من الأحيان تعسفية". وفي السعودية، التي وضعتها "أمنيستي" ضمنْ قائمة البلدان التي شهدت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان السنة الماضية، تمّ اعتقال ومحاكمة عدد من منتقدي الحكومة والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وشملت الاعتقالات ثماني نساء مدافعات عن حقوق الإنسان، احتُجزن بدون تُهم، حسب ما جاء في تقرير المنظمة، مشيرة إلى أنّ "جميع المدافعين عن حقوق الإنسان تقريبا في المملكة العربية السعودية باتوا الآن خلف القضبان، أو أُرغموا على الفرار من البلاد". وفي مصر، قالت منظمة العفو الدولية إنّ السلطات "شدّدت عمليات قمع المعارضة في فترة الإعداد للانتخابات الرئاسية"، مشيرة إلى اعتقال ما لا يقل عن 113 شخصا، بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم النقدية. كما سنّت السلطات المصرية، يضيف التقرير، "قوانينَ جديدة تهدف إلى المزيد من إسكات وسائل الإعلام المستقلة". ولمْ تختلف وضعية حقوق الإنسان في باقي بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع تسجيل انتهاكات أخرى، خاصة في صفوف المهاجرين وطالبي اللجوء، كما هو الحال في الجزائر، حيث سجّلت منظمة العفو الدولية طرْد أزيد من 12 ألف مهاجر من مواطني جنوب الصحراء الإفريقية إلى النيجر، تم التخلي عن أزيد من 11 ألفا منهم على الحدود مع الدولة المذكورة. واعتبرت المنظمة الحقوقية الدولية أنّ انعدام المساءلة في شتى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "يعني أن السلطات في هذه البلدان كانت مُطلقة العنان لزجّ منتقديها السلميّين في السجون، أو تقييد أنشطة المجتمع المدني، أو استخدام الاعتقال التعسفي والاحتجاز والقوة المفرطة ضد المحتجين الذين يطالبون بحقوقهم". في المقابل، سجّلت منظمة العفو الدولية "بصيص أمَل في حقوق الإنسان" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث طرأ تحسُّن ملحوظ في مجال حقوق المرأة، مشيرة في هذا الإطار، إلى سنّ المغرب قوانينَ تعلق بمكافحة العنف ضدّ المرأة، وإلغاء فلسطين مادّة سمحت للمغتصبين المشتبه بهم بالإفلات من الملاحقة القضائية عن طريق الزواج من ضحاياهم، ورفع السعودية حظر قيادة السيارة المفروض على المرأة.