بعد أنْ أفلحت الفرق البرلمانية في تعطيل البُند المتعلق بفرض رسوم التدريس في الطور الثانوي والجامعي على الأسَر الميسورة، كما نصّ على ذلك مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين، الخاضع للمناقشة في مجلس النواب، اتّهمتْ نقابة عمالية الحكومة بالسعي إلى "سَلعنة التعليم". ونوّهت المنظمة الديمقراطية للشغل ب"كل المواقف المشرفة للفرق البرلمانية الرافضة لفرض رسوم في التعليم العالي والثانوي التأهيلي ولإلغاء مجانية التعليم"، معتبرة أنّ الحكومة "تسعى إلى سَلعنة التعليم الثانوي والعالي العمومي ودفعه نحو الإفلاس أو الإغلاق وتغول القطاع الخاص على حساب القطاع العمومي". وقُوبلَ تضمين الحكومة بُندا يقضي بدفع الأسر رسومَ التعليم برفض كبير من طرف الرأي العام، رغم تأكيد رئيس الحكومة أنّ الأسر الميسورة هي المعنية بدفع تلك الرسوم، إذ اعتبر معارضو هذا القرار أنَّه يستهدف بالأساس الأسر المتوسطة والفقيرة، على اعتبار أنَّ الأسَر الميسورة لا تدرّس أبناءها في التعليم العمومي. وتنص المادة 45 من مشروع القانون الإطار 17.51 المتعلق بإصلاح منظومة التربية والتكوين على فرْض رسوم على الطلبة المتحدرين من أسَر ميسورة تُؤدّى كرسوم للتسجيل، في سلْك التعليم الجامعي، في المرحلة الأولى، على أنْ تشمل الرسوم، في المرحلة الثانية من الأجرأة، التعليم الثانوي التأهيلي. وقالت المنظمة الديمقراطية للشغيل إنّ تطبيق قرار فرض رسوم الدراسة على الطلبة كان سيؤدّي إلى ضرْب وإلغاء مجانية التعليم، وهو ما يشكّل، حسب المنظمة ذاتها، "انتهاكاً صريحا لدستور المملكة وللقوانين الدولية الإنسانية، إذ إن التعليم حق للجميع كالماء والهواء، كما أنّه حق إنساني أصيل، وهو الطريق المؤدي إلى الفرص التي تتاح للفرد". تضمين مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين مادة تقضي بفرض رسوم الدراسة على أبناء "الأسر الميسورة" جاء بعد دعوة المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى البحث عن مواردَ جديدة لتمويل التعليم العمومي، دون أن يُحدّد الجهة التي يجب أن تساهم فيها، فلجأت الحكومة إلى قرار فرض الرسوم في التعليم الثانوي والعالي، الذي أثار موجةَ رفض واسعة دفعت بالحكومة إلى إسقاط المادة التي تضمنت هذا القرار من مشروع القانون الإطار، تحت ضغط الفرق البرلمانية. واعتبرت المنظمة الديمقراطية للشغل أنّ مجانية التعليم "حق وليس منحة من أحد أو من الحكومة"، مشددة على أنّ التعليم يجب أن يكون إلزاميا بالنسبة للأطفال البالغين سن التمدرس، من التعليم الأوّلي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يُعادلها، مع وُجوب أن تكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة من الأولي إلى العالي، في كل المؤسسات التعليمية العمومية وفقاً للقانون. وانتقدت الهيئة النقابية ذاتُها سعي المسؤولين الحكوميين الحاليين المعنيين بإصلاح التعليم إلى ضرب مجانيته، "التي أوصلت السيد رئيس الحكومة الحالي ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، والوزراء ومدراء المؤسسات العمومية والخاصة، وأطر الدولة ومن سبقهم، وآلاف الأطر والكفاءات المغربية، إلى المستوى الذي هم عليه اليوم". ودعت ODT رئيس الحكومة، ووزيرَ التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، إلى "توقيف التصريحات المضللة، والالتزام بإلغاء المادة 45 من مشروع القانون الإطار، من أجل حماية الوطن من الاحتقان والهزات الاجتماعية التي هو في غنى عنها، ولا يمكن السكوت عنها لكونها تزيد الوضع احتقاناً والبلد تخلفا". وردا على التصريحات السابقة لرئيس الحكومة، والتي أكّد فيها استثناء الفقراء من أداء رسوم التمدرس، وأنّ هذه الرسوم ستفرض على الأسر الميسورة فقط، قالت المنظمة الديمقراطية للشغل إنّ كلام رئيس الحكومة "عائم وغير سليم وبعيد عن المصداقية والشفافية، لأن نسبة واسعة من أبناء الطبقة الميسورة يتوجهون لمتابعة دراستهم بمدارس ومعاهد وكليات خاصة". من جهة ثانية، نبّهت الهيئة النقابية ذاتها إلى "اللامساواة" في تعلم اللغات بين التلاميذ من أبناء الطبقة المتوسطة الذين يدرسون في القطاع الخاص ونظرائهم من أبناء الفقراء الذين يدرسون في القطاع العام. وأوضحت: "تعليم للفقراء معرَّب 100 في المائة، وتعليم للميسورين بالقطاع الخاص منفتح على كل اللغات الإنسانية الكبرى، وهكذا يُترك أبناء المدرسة العمومية الفقراء يواجهون صعوبات ولوج كليات الطب ومعاهد المهندسين والتكنولوجيا والعلوم التقنية والهندسية وعلوم التمريض والتكوين المهني التقني...".