بعد أن سجلت حضورها في المشهد الثقافي، بمجموعتها القصصية "تي جي في"، تطرح الكاتبة سلمى أمانة الله في روايتها الجديدة "ولي النعمة" قضايا كبرى يتداخل فيها الاجتماعي بالسياسي. وتدور أحداث الرواية، الصادرة عن دار القلم بالرباط، بين زمنين ومكانيين، يربط بينهما خيط شخصيتين محوريتين؛ وهما الصحافي عبد الغني الضعيف، والعربي الطاوسي باعتباره صاحب سلطة وخاضع للسلطة. وتنقلنا الرواية، التي احتفت بتوقعيها الكاتبة سلمى أمانة الله ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، من عوالم قصور "ولي النعمة" وما يجري خلف أسوارها من أحداث وصراعات يعيشها شخوص الرواية إلى عوالم سلطة أخرى، سلطة الصحافة وما يجري داخل مكاتبها، من خلال سرد ماتع وزعت فيه الكاتبة الأدوار والأحداث بين شخوص روايتها ببراعة. وتغوص الرواية، حسب كاتبتها، في علاقة المثقف بالسلطة، ومدى تأثير الصحافة في صناعة الرأي العام من خلال علاقة الصحافي عبد الغني الضعيف ذي القلم اللاذع بالسلطة من جهة، وطرح تساؤلات حول مدى تأثير وسائل التكنولوجيا الحديثة على الإنسان، حيث أصبح العالم علبة كبريت قابلة للاشتعال، تقول منه الله في حديثها لهسبريس. وفي تعليقها على وسم غلاف الرواية بعبارة "محظورة على ضعاف القلوب"، تقول: "بناء الشخوص في الرواية انطلقت من علاقتهم بالأم، هذه الخلفية الإنسانية التي منحتها لهذه الشخوص بها مآسٍ إنسانية، لذلك حظرتها على ضعاف القلوب والحوامل والمرضعات". وجاءت أحداث رواية "ولي النعمة" متعددة ومشوقة تحمل بين طياتها شغف سلمى بالكتابة وباللغة العربية، ويظهر ذلك من خلال قدرتها على تطويع فعل الحكي والتعبير بأسلوب رشيق وعميق عن تفاصيل أحاسيس ومشاعر ومصائر شخوص روايتها، بلغة تعبيرية بلاغية. يذكر أن الكاتبة سلمى مختار أمانة الله رأت النور بالرباط، من أبّ موريتانيّ وأمّ مصرية، وهي بذلك تحمل خلفية ثقافية عربية متعددة الأبعاد، أغنت تكوينها وصقلت موهبة الكتابة عندها وأثرت في شخصيتها، تابعت دراستها الابتدائية والثانوية بمدينة أكادير، قبل أن تنتقل إلى عاصمة المملكة لتلتحق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تخرجت منها سنة 1994 بشهادة الإجازة شعبة القانون الخاص؛ لكن الكتابة أخذتها لأنها، كما تقول، هي قدرها الذي لا يمكن الهروب منه.