كانت المغربية دعاء الحضري في العاشرة من عمرها عندما أهداها عمّها زوجا من أحذية التزلج، ولم تكن تعرف حينها أن الهدية البسيطة ستؤثر كثيرا على حياتها في المستقبل. وتقول دعاء، التي تبلغ من العمر الآن 22 عاما، إن النشاط الوحيد الذي تواظب عليه منذ حوالي عشر سنوات هو التزلج الذي تتحدى من خلاله القوالب الجامدة في مجتمع يرفض رؤية المرأة وهي تمارس الرياضة. وتقول: "حذاء التزحلق هو لعبة حصلت عليها من عمي سنة 2006 كهدية. وما زلت أتذكر أنها كانت أحسن هدية في حياتي. استمررت في اللعب وأعجبتني، على الرغم من أنها تتسبب بالكثير من السقوط؛ فلا بأس بذلك، لأنني كنت متميزة". لقد تحول ما كان يفترض أن يكون شعورا بالخجل إلى إحساس بالثقة تستمدها من نظرات الانبهار في عيون الآخرين. وتضيف: "عندما كنت أمارسها، الجميع ينظرون إلي بتعجب لأنني فتاة. شعرت بثقة كبيرة في النفس التي تطورت مع مرور الوقت، بحكم أنني أمارس هذه الرياضة كثيراً. تغيرت حياتي، كبرت، ودرست واشتغلت بعدما حصلت على دبلومات. يعني حياتي تغيرت؛ إلا شيء واحد لم يتغير هو التزحلق بالحذاء". ودرست دعاء السياحة وتعمل موظفة استقبال في فندق؛ لكنها في متنزهات التزلج تطلق العنان لشغفها، وتمارس رياضتها بلا هوادة وتسلب العقول بمغامرات وحركات خطرة ومبتكرة. وتفعل دعاء كل هذا دون توجيه من مدربين؛ بل شاركت أيضا في مسابقة محلية. وعلى الرغم من الإصرار والتحدي والصمود، فإن دعاء الحضري لا تنكر أنها عاشت أوقاتا عصيبة في نضالها في مجتمع يرمق المرأة أحيانا بنظرات دونية. وتضيف: "يصعب أن تفرض نفسك في مجتمع كالمغرب، خصوصا الجنس اللطيف؛ لأنه بغض النظر عن الرياضة والمجال الذي أمارسه يصعب أن تفرض نفسك في مجال ذكوري ومجتمع ذكوري كالمغرب، لأنهم دائما ينظرون إليك بتلك النظرة الدونية ظنا منهم أن فتيات أخريات يفعلن أشياء أخرى.. هذا ليس منطقيا.. لماذا سأهتم بهاته الأفكار؟ سوف أستمر في طريقي وسأمارس الرياضة، وسأفعل ما يحلو لي؛ لأنني لا أقوم بأشياء سلبية. والديَّ تقبلا، على الرغم من بعض الصراعات التي هي عادية، تمكنت من إقناعهم بهاته الرياضة واستمررت بها بدون مشاكل". وتقول دعاء إن من أسرار النجاح في الرياضة بشكل عام الشغف، بمعنى أنه يجب على المرء أن يكون شغوفا بالرياضة كي يستمتع بها. وتوضح: "بالنسبة للفتيات كي أنصحهن بممارسة هاته الرياضة، لن أستطيع نصحهن؛ لأن الرياضة هي رغبة. الفتاة التي تراني أمارس التزحلق ولم تشعر بتلك الرغبة لخوض التجربة للعب فإنه لا يمكنك أن تفرض عليها لكي تكون مثل ابنة أخرى. الشيء الوحيد الذي أريد أن أقوله للمغربيات الحرات اللواتي تؤمن بالرياضة، افعل ما تشاء واقتنع به ومارسه لجني ثماره". وتعودت دعاء غض الطرف عن المتفرجين الفضوليين، وركزت بدلاً من ذلك على إتقان الحركات والحيل والمناورات في مضمار التزلج. وتأمل في إنشاء اتحاد للمتزلجين، والارتقاء بمهاراتها إلى المستوى الذي يسمح لها بالمشاركة في المسابقات الدولية.