اعتبر حكم قضائي صدر عن محكمة النقض بالمغرب أن اعتراف زوجة بتبادل قُبل مع رجل أجنبي عنها يجعل جريمة الخيانة الزوجية قائمة، وهو ما اعتبره عدد من المتتبعين مخالفاً للشرعية الجنائية ومكرساً للأفكار المحافظة على حساب المبادئ القانونية الراسخة. وفي تفاصيل الحكم، الذي اطلعت هسبريس على نسخة منه، تعود فصول القضية إلى أشهر قليلة مضت حين تقدم دفاع زوجة من نواحي بولمان بطعن في مواجهة قرار صادر عن غرفة الاستئنافات الجنحية قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر ببراءتها من جنحة الخيانة الزوجية، وبعد التصدي الحكم عليها بأربعة أشهر حبساً نافذة، وأدائها تضامناً مع شريكها تعويضاً مدنياً قدره 5000 درهم. وارتكزت عريضة النقض على اعتبار أن القرار الاستئنافي خرق إجراءات المسطرة الجنائية لعدم معاينة ضابط الشرطة القضائية الذي حرر المحضر وقائع القضية في حالة تلبس، إضافة إلى عدم ارتكاز القرار على أساس حينما اعتبر أن مجرد تبادل القُبل يدخل في صميم الاعتراف القضائي، وقضى بإدانة المتهمة من أجل الخيانة الزوجية. لكن موقف محكمة النقض جاء عكس ما كانت تسعى إليه الزوجة الطاعنة في قرار إدانتها السابق، فقد أشارت في قرارها ما يلي: "يتجلى من تنصيصات القرار المطعون فيه أن المحكمة المصدرة له استندت على صواب في إدانة الطاعنة من أجل جنحة الخيانة الزوجية إلى اعترافها في محضر الشرطة القضائية بتبادل القُبل مع رجل أجنبي عنها". واعتبرت محكمة النقض بالرباط أن الاعتراف "فعل يشكل خيانة زوجية في حق زوجها، فهو خيانة لرابطة الزوجية والوفاء والثقة بين الزوجين، وإن هذا الاعتراف ينزل منزلة الاعتراف الذي تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عنها، وبالتالي وسيلة إثبات قانونية طبقاً لمقتضيات الفصل 493 من القانون الجنائي، وتكون المحكمة قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً". القرار لفت أنظار عدد من المهتمين بالاجتهاد القضائي بالمغرب، ودفع عدداً منهم إلى إبداء ملاحظات حول القرار من خلال موقع "المفكرة القانونية" التي تهتم بهذا المجال؛ من بينها القول بأن هذا الحكم يخالف قاعدة الشرعية الجنائية، كما أن القانون الجنائي المغربي الذي يجرم العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين يميز بين جريمتي الفساد والخيانة الزوجية. كما أن قواعد المادة الجنائية التي تخضع لمبدأ حرية الإثبات قيد المشرع الإثبات في جرائم الفساد أو الخيانة الزوجية بوسائل واردة على سبيل الحصر. وقد نص في الفصل 493 من القانون الجنائي على أن هذه الجرائم لا تثبت إلا بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس، أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي. ويرى المهتمون بالقانون أيضاً أن هذا الحكم يخالف الاجتهاد القضائي بالمغرب والذي درج على اشتراط وجود العلاقة الجنسية في جريمتي الفساد أو الخيانة الزوجية، حيث لا يتصور قيام الجريمتين دون وجود محضر تلبس أو اعتراف في مكاتيب، أو اعتراف قضائي بممارسة الجنس. أما ثالث الملاحظات التي أوردتها جمعية "المفكرة القانونية" فتشير إلى أن هذا الحكم "يعكس اتجاهاً قضائياً إلى تغليب الأفكار المحافظة على المبادئ القانونية الراسخة؛ ومنها مبدأ الشرعية الجنائية ومبدأ الاستقرار القانوني. وبالتالي خالفت إجماع الاجتهاد الحاصل في هذا الخصوص".