انتقد عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عدَم تمكين الأطفال في وضعية إعاقة من حقهم في التمدرس، على النحو المطلوب، رغم المجهودات التي يبذلها المغرب في هذا المجال، ذاهبا إلى القول إن التمييز الذي يطال هؤلاء الأطفال "ظلم ما بعده ظلم". وقال عزيمان، في الكلمة الافتتاحية لندوة دولية تنظمها الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، اليوم الإثنين وغدا الثلاثاء بالرباط، حول التربية الدامجة: "يجب إذكاء وعي جماعي بكون الإنسان، مهما كان سنه، لا يمكن اختزاله في أوجه عجزه، إذ لا شيء أكثر ظلمًا من هذه النزعة الاختزالية والتمييزية". وأشار عزيمان إلى أنّ دستور المملكة ينصّ على محاربة كل أشكال التمييز، وإلى أنّ تنظيم ندوة "الحق في التربية الدامجة: الانتقال المفاهيمي، والتحول في الممارسات، ورهانات التقييم" يعكس تشبث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالمبادئ المؤسسة للعدالة والإنصاف، والتربية للجميع، وتكافؤ الفرص. وفي وقت لازالَ ضمان حقّ الأطفال في وضعية إعاقة في التعليم متعثرا بالمغرب، قال عزيمان: "موقفنا تجاه هذا الموضوع واضح تماما، وهو موقف يجسده مضمون الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015-2030، التي تدعو ضمن رافعات التغيير التي تعتمدها، إلى ضمان الحق في ولوج التربية والتكوين لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة". وتنكبّ الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على إنجاز تقييم للنموذج التربوي الموجه إلى الأطفال في وضعية إعاقة، يُرتقب أنْ يتمّ عرض خلاصاته على أنظار أعضاء المجلس في غضون الشهور القليلة القادمة. وقال عزيمان إنّ الهدف من التقييم سالف الذكر الذي ستنجزه الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي هو التوفّر على تشخيص دقيق وموثوق. ومن ثمَّ، يردف المتحدث، "التمكن من تحديد العوامل المؤثرة، سواء سَلبا أو إيجابا، في تربية هذه الشريحة من الأطفال". وكشف عزيمان أنّ "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بصدد إصدار رأي وتوصيات استشرافية بشأن تعليم الأطفال في وضعية إعاقة، ومهّد لإصدارها بإسناد مهمة التفكير والبحث، من أجل تعميق التفكير في هذا الموضوع، إلى اللجنة الدائمة المكلفة بالمناهج والبرامج والتكوينات والوسائط التعليمية". رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي اعتبر أنّ السياسة التربوية لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب عرفت، خلال السنوات الأخيرة، تقدما مهما على المستوى المعياري؛ وذلك بفضل المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإصدار العديد من النصوص التشريعية والتنظيمية، لكنه اعتبر أنّ ما تحقق إلى حد الآن غير كافٍ. وقال عزيمان: "بالنظر إلى واقع الحال، واستمرار العوائق التي تحول دون ولوج كل الأطفال في وضعية إعاقة إلى المدرسة، مع استفحال ظاهرة الانقطاع المبكر بالنسبة للذين تمكنوا من ولجوها، فمازلنا بعيدين عن تحقيق ما نسعى إليه، لكي يتمتع هؤلاء الأطفال بالحق في التربية". وقدّم عزيمان مجموعة من التوصيات قصد ضمان حق الأطفال في وضعية إعاقة في التعليم، إذ دعا إلى نشر النتائج الجيدة التي يحصلون عليها كلما توفرت لهم شروط الولوج المادي، مع الإشراف التربوي الملائم، وبتوفير الأطر المؤهلة وطرق التدريس المناسبة؛ كما دعا إلى الأخذ في الاعتبار أن مجال التربية الدامجة "هو مجال للتعبئة بامتياز، والتنسيق المنظم، والتفاعل، والتعاون بين الآباء والأمهات والأولياء، والمربين، والخبراء، والجمعيات، والجماعات الترابية، وأنه يتعين على السلطات العمومية تنظيم هذا التنسيق بكيفية محكمة". واعتبر عزيمان أنّ المغرب يتوفر على مؤهلات مهمة للمضي قدما في مسار التربية الدامجة، والتي يمكن استثمارها لتحقيق القفزة النوعية في هذا المجال. وتتركز هذه المؤهلات على ثلاث دعامات، وهي الرعاية التي يحيط بها الملك الأشخاص في وضعية إعاقة، والالتزام بقضاياهم، والتطور الذي عرفته السياسات العمومية الحكومية في هذا المجال، والدور الذي يؤديه المجتمع المدني بالتزامه الموصول لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة. وأكد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين أنّ الدعامات الثلاث سالفة الذكر "يجب أن تشكل أساسا لحشد قوتنا لتجاوز نقط ضعفنا، لبلوغ تحقيق الحق في التربية لكل الأطفال في وضعية إعاقة في المدرسة المغربية، وبالتالي ترسيخ ذلك الحق في العقليات والممارسات".