تنتعل ميمونة حذاءها البلاستيكي وتهرول مغادرة منزلها بعد أن تكون قد أعدت فطور الصباح لأفراد أسرتها، لتركب دابتها، باكرا، متوجهة نحو ضيعة للتفاح ضاحية منزلها الكائن بدوار آيت صالح بإيموزار كندر. وما أن تصل ميمونة إلى حقل التفاح حتى تبدأ في ملء صندوقيها بهذه الفاكهة الطازجة قبل أن تحملهما على ظهر حمارها قاصدة المكان الذي خصصته نساء المنطقة لبيع التفاح على قارعة طريق فاس إيموزار كندر، متطلعة إلى يوم أكثر رواجا من سابقه، يقبل فيه العابرون على تفاحها الذي تبدع في طريقة عرضه لتجعله أكثر استقطابا للزبناء، ومثيرا لشهيتهم. ما تقوم به ميمونة كل يوم ينطبق على كثير من نساء دوار آيت صالح والمداشر المجاورة له، نساء، منهن أرامل ومطلقات وفتيات عازبات، يعملن على إعالة أسرهن أو مساعدة أزواجهن على تحمل أعباء الحياة ببيع التفاح وغيره من فواكه وأعشاب تجود بها منطقة إيموزار كندر، في ظروف صعبة للغاية، خصوصا خلال الفصول الباردة حيث تنزل درجة الحرارة، أحيانا، عن 10 درجات تحت الصفر. كفاح من أجل الحياة "منطقتنا معروفة بإنتاج مختلف أصناف الفواكه، مثل الإجاص والكرز والبرقوق والشهدية والخوخ، لكن فاكهة التفاح هي الأكثر انتشارا مقارنة بغيرها"، تقول نادية اليوسفي، بائعة للتفاح من دوار آيت صالح، مبرزة، في حديثها مع هسبريس، أن ضيعات التفاح بإيموزار كندر فتحت بابا لكسب الرزق لكثير من النساء، منهن من يشتغلن عاملات بها، وأخريات فضلن بيع ما تنتجه من فواكه بعرضها على قارعة الطريق. "جل بائعات التفاح نساء معوزات اضطررن لممارسة هذا النشاط لمساعدة أسرهن على تحمل تكاليف العيش، وهن يزاولن هذا النشاط في ظروف مناخية صعبة طوال العام"، تضيف اليوسفي التي أبرزت أن المدخول المتواضع الذي تجنيه بائعات التفاح، اللواتي قدرت عددهن بحوالي 40 بائعة، دفعهن إلى دعم تجارتهن بعرض الأعشاب المحلية للبيع، مثل "فليو" و"الزعتر". بائعات التفاح بدوار آيت صالح عبرن، في حديثهن مع هسبريس، أنهن يتجرعن قساوة الظروف المناخية؛ ففي الصيف يكن عرضة لأشعة الشمس الحارقة التي تتلف كذلك معروضهن الفلاحي، وفي الفصول الباردة تتفاقم معاناتهن مع البرد القارس، سواء خلال جني الفواكه أو عند عرضها للبيع على قارعة الطريق، خصوصا في منطقة تصل فيها درجة الحرارة حد التجمد. آمال في "المبادرة" "قبل خمس سنوات، قمنا بتأسيس جمعية، واكترينا هذه الأرض التي نعرض عليها بضاعتنا من الأحباس بثمن باهظ لتأسيس مشروع في إطار برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك عبر تشييد محلات تجارية لائقة"، تورد نادية اليوسفي. متحدثة هسبريس أبرزت أن الجمعية المذكورة تتطلع لإخراج مشروعها إلى حيز الوجود حتى يتسنى للمستفيدات منه ممارسة نشاطهن في ظروف تحفظ الكرامة، وتطوير تجارتهن بعرض خل التفاح الذي يحتاج إلى شروط صارمة للتخزين والعرض، مناشدة عمالة صفرو الإسراع بإنجاز هذا المشروع في أقرب الآجال. "تفاحنا طري وذو جودة عالية، ولا يمر عبر مستودعات التبريد، والزبناء يثقون فينا ويتعاطفون معنا، خصوصا أنهم يعرفون أننا نعيل أسرنا بفضل هذا العمل الشريف"، تقول عبيد ميمونة، التي ذكرت لهسبريس أنها تمارس بيع التفاح بالمكان المذكور لأزيد من 10 سنوات. "نطمح إلى تطوير نشاطنا هنا على قارعة الطريق الرئيسية"، تردف ميمونة، التي قاطعتها فاضمة شلاك قائلة: "نحن نعرض هنا فقط المنتوجات المحلية، منا من تبيع غلة حقل أسرتها الخاص، ومنا من تشتري ما تنتجه الضيعات الكبرى من تفاح وفواكه وتعيد بيعها بهامش ربح متواضع رغم الظروف القاسية". وقبل أن تختتم فاضمة حديثها، اقتربت زميلتها رابحة أكطو من ميكرفون هسبريس مصرحة بلكنتها الأمازيغية قائلة: "جلنا ينتمي لأسر معوزة تعيش على الفلاحة، نلتمس منهم أن يهتموا بحالنا حتى يساعدوننا على توفير القوت لأبنائنا؛ فنحن ليس لنا بديل آخر للعيش".