راهن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته السابعة عشرة على البحث عن المواهب الإفريقية والعربية ودعمها عن طريق توفير استشارات مهنية متخصّصة من محترفين "يقدّمون لصانعي الأفلام نصائح فنية وإنتاجية وتوزيعية"، في الفترة التي امتدّت بين اليوم الثاني والخامس من شهر دجنبر الجاري. هذه المبادرة التي أطلق عليها اسم "ورشات الأطلس" اختتمت دورتها الأولى التي تمّت بشراكة لافتة للنظر مع "Netflix"، شركة العرض تحت الطلب ذائعة الصيت، بعدما جمعت بمدينة مراكش 150 محترفا عالميا، وبعدما استضافت مشاريع سينمائية قيد التطوير، وأخرى في مرحلة ما بعد الإنتاج، من بينها أعمال مبدعين مغاربة شباب. التقت هسبريس ريمي بونوم، مسؤول ورشات الأطلس المنسق العام لأسبوع النقاد ب"مهرجان كان"، على هامش المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، من أجل معرفة أهمية الشراكة مع "نيتفليكس"، وموقِعِ الفيديو تحت الطلب في مستقبل الإنتاجات السينمائية العربية والإفريقية، ومستقبل "ورشات الأطلس" والإنتاجات السينمائية المغربية التي احتضنتها.. ما هي "ورشات الأطلس"؟ "ورشات الأطلس" نشاط جديد للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فكّرنا فيه كمكان يمكنه أن يعزّز موقع المهرجان عن طريق جمع ضيوف مغاربة من داخل الصناعة السينمائية، وضيوف من المنطقة أيضا؛ لأن تركيزنا كان على القارة الإفريقية والعالم العربي وعلى العالم بأسره. وقمنا في هذا المكان بانتقاء مواهب شابة أخرجت فيلمها الروائي الطويل الأول أو الثاني أو الثالث، واخترنا مشاريع سينمائية ودعوناها إلى هنا من أجل الاستفادة من استشارات محترفين معروفين، سواء كانوا منتجين أو محررين أو كتابا للصورة والإعلانات؛ وأيضا من أجل أن يلتقوا شركاء محتملين. أين تكمن أهمية الشراكة مع نيتفليكس؟ وما موقع الفيديو تحت الطلب في هذه الورشة؟ الشراكة مع نيتفليكس كانت حدثا إعلاميا بالنسبة لورشات الأطلس، لأنها المرة الأولى التي تدخل "Netflix" في شراكة مع أي حدث متعلّق بهذه الصناعة على المستوى العالمي، وهو ما يظهر الاهتمام الكبير لهذه الشركة بالمنطقة، أي بإفريقيا والعالم العربي. و"نيتفليكس" هنا من أجل أن تكتشف المواهب، وأظن أن حضورها يظهر أن الصناعة السينمائية على المستوى العالمي تهتم بتطوير ودعم المواهب المحلية. أما بالنسبة للفيديو تحت الطلب فهو قضية ضخمة، وفي الورشة على الأقل أردنا طرح سؤال التوزيع لأنه سؤال تكرّر باستمرار في السنوات الماضية، خصوصا في دول إفريقية لم تعد فيها أي شاشات عرض، أو مسارح. وهنا يأتي دور الفيديو تحت الطلب، ف"نيتفليكس" طريقة جديدة محتملة حتى يكتشف المشاهدون الأفلام. في الوقت نفسه دعونا خلال الورشة "شبكة الشاشات العربية البديلة، NAAS"، بوصفها شبكة تجمع أكثر من عشرين فضاء ومسرحا بالمنطقة العربية، وتدافع عن عرض السينما في الشاشات الكبيرة. وبالنسبة لي يمكننا الذهاب في كلا الاتجاهين؛ فمشاهدة الأفلام عبر "نيتفليكس" لا تعني عدم مشاهدتها في صالات السينما. ما وضعية الأفلام المغربية والمشتغلين المغاربة بالسينما في "ورشات الأطلس"؟ معظم المشاريع التي اخترناها كانت من المغرب؛ فهناك إذن حضور للسينما المغربية. وأنا سعيد جدا بالمواهب التي اكتشفناها بفضل هذه الورشة، مثل: ياسمين بنكيران، وهي مخرجة قاطنة بباريس بصدد تحضير فيلمها الروائي الطويل الأول، وفيصل بوليفة، المغربي القاطن ببريطانيا الذي أنهى لتوّه فيلمه الروائي الأول ويعدّ فيلمه الثاني الذي سيتمّ تصويره هنا بالمغرب. وعندنا أيضا محمد نظيف، الممثل المغربي الذي سبق أن أخرج فيلمه الرئيسي الأول ويعدّ فيلمه الثاني. هناك مجموعة واسعة من الأفلام، وهذا ما كنت أريد أن يحدث في هذه النسخة الأولى؛ أن يرى الضيوف العالميّون مدى تنوّع السينما المغربية، وقدرتَها على أن تكون متنوّعة أيضا. وحقّقت هذه الورشة نجاحا كبيرا لأننا استقبلنا أكثر من 200 ضيف عالمي هنا، من أجل أن يلتقوا بهذه المشاريع السينمائية، والتي لقيت اهتماما كبيرا. هل تظن أن مثل هذه الورشات ستستمر وتنتشر مستقبلا؟ طبعا، فهذه الورشة رهان على المستقبل، لأنه عندما تكتشف مواهب فإنها تحتاج سنة أو سنتين أو أربع سنوات. والسينما على كل حال رهان على المستقبل. بالطبع هذه نسخة أولى تجريبية، ولكن إرادة المهرجان حتما هي الاستمرار في القيام بهذا، وجعل "ورشات الأطلس" مساعدة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش حتى يكون موعدا مهما بالمنطقة، وعلى المستوى العالمي.