أيام عصيبة تنتظر مغاربة إسبانيا بعدما نجح حزب يميني متطرف، لأول مرة، في اكتساح الانتخابات التي شهدها إقليم الأندلس أمس الأحد. وبعدما سيطر "الاشتراكيون" على منطقة الأندلس لأزيد من 36 سنة، حقق حزب "فوكس" الإسباني اليميني المتطرف نصرا تاريخيا بحصوله على 12 مقعدا نيابيا دفعة واحدة، في وقت رجحت فيه استطلاعات الرأي أنه لن يتجاوز خمسة مقاعد. وحصل "فوكس" على أغلب أصواته من المناطق التي توجد فيها الجالية المغربية، بعدما ركز في حملته الانتخابية على مكافحة الهجرة غير القانونية وتضييق الخناق على اليد العاملة المغربية الموجودة بكثافة في منطقة الأندلس. ويرى متخصصون في الشأن الإسباني أن صعود هذا الحزب الصغير، الذي يمثل امتدادا لفترة الجنرال فرانكو، من شأنه أن يعيد موجة العنصرية الحادة تجاه الجالية المغربية شبيهة بأحداث بلدة "إيليخيدو" في سنة 2000. وكانت مواجهات دموية اندلعت بين ساكنة بعض بلديات جنوب إسبانيا وغيرها من القرى بضواحي مدينة "ألميريا" وبين مغاربة مهاجرين عرفت إعلاميا ب"أحداث إيليخيدو" الأليمة، حيث تمت مطاردة اليد العاملة المغربية التي تشتغل في القطاع الزراعي. ويرى نبيل درويش، الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية، أن اكتساح اليمين المتطرف لبرلمان إقليم الأندلس الإسباني يعد سابقة خطيرة وتحول لم يسبق أن عاشته المنطقة من قبل. وأوضح درويش، في تصريح لهسبريس، أن "برنامج حزب "فوكس" في مجمله هو ضد الجالية المغربية، وينادي دائما بطرد المهاجرين المغاربة من إسبانيا". وأشار الخبير المغربي إلى أن عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب الاشتراكي تراجعت بشكل كبير، حيث حصل فقط على 33 مقعدا؛ وهمو "ما يعني أن الطريق باتت مفتوحة لتشكيل حكومة يمينية بين الحزب "الشعبي" وحزب "مواطنون"، ولكن لا يمكن لهما القيام بذلك إلا بالتحالف مع الحزب المتطرف". وحول أسباب هذا الصعود المفاجئ لليمين المتطرف، أورد صاحب كتاب "الجوار الحذر.. العلاقات المغربية الإسبانية من وفاة الحسن الثاني إلى تنحي خوان كارلوس" أن "الضربات الموجعة التي تلقاها الحزب "الشعبي" كانت عاملاً إيجابياً لصالح "فوكس" الإسباني، خصوصا بعد أحداث كاتالونيا، التي فجرت القومية الكتالونية الانفصالية وأحيت اليمين المتطرف المتعصب للوحدة الوطنية الإسبانية وضد المسلمين والمغاربة". وتجمع منطقة الأندلس والحكومة المغربية مصالح مشتركة كثيرة؛ من بينها اتفاقية تشغيل اليد العاملة المغربية الموسمية في الفلاحة، ويتم التعاقد مع آلاف العاملات المغربيات خلال مواسم الزراعة والجني في الحقول الأندلسية، لكن صعود "فوكس" قد يضر بهذه الاتفاقيات المثيرة للجدل في مجملها. جدير بالذكر أن الاشتراكيين حصلوا، بعد فرز قرابة 98% من الأصوات، على 33 من أصل 109 مقاعد (حوالي 29% من الأصوات)؛ وهذه أسوأ نتيجة لهم في انتخابات هذا الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي. وحل في المرتبة الثانية حزب الشعب اليميني بفوزه ب26 مقعدا (21% من الأصوات)، والمركز الثالث جاء من نصيب حزب الوسط "المواطنون" ب21 مقعدا (18% من الأصوات). أما تحالف اليسار الأندلسي "الأندلس إلى الأمام" (الذي يضم المكاتب الإقليمية لبوديموس واليسار المتحد) فحصل على 17 مقعدا (16% من الأصوات). أما المفاجأة الرئيسية التي أتت بها هذه الانتخابات، فتتمثل في حصول حزب أقصى اليمين "VOX" على 11 % من الأصوات والفوز ب12 مقعدًا، علما أنه لم يكن هناك أي تمثيل لليمين المتطرف على المستوى الوطني أو في أي من برلمانات الأقاليم التي تتمتع بحكم ذاتي، خلال العقود الأربعة الماضية.