قال أحمد الدغرني، مؤسس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور، إن "الدولة العربية لا توجد في تاريخ العلويين، فالمؤسسون للدولة رغم تصريحهم بانتمائهم إلى النسب الشريف والأدارسة، لم يقولوا يوما بعربية دولتهم، مشيرا إلى أن دستور 1962 هو الذي جاء بهذا المفهوم، في سياق اتسم بتأسيس دولة عربية في مصر من طرف جمال عبد الناصر، لتزكيه الحركة الوطنية، وبعض المستلبين في المغرب". وأضاف الدغرني، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "دولة الأمازيغ موجودة في التاريخ، وليس هو من اكتشفها، معتبرا مرجعية قدوم فرد من قريش ليعلم سكان المغرب بناء الدولة تافهة، فالأمازيغ يعودون إلى الألاف السنين، حيث عاشوا مع اليونانيين والفراعنة، وتساءل: أين نوميديا وماسينيسا ويوكرتن؟. وأردف الفاعل السياسي، أن "التهافت الذي يجري حاليا حول الأمازيغية من طرف الأحزاب، يأتي من أجل الجمع بين خدمة المخزن ومراعاة الضغط الشعبي والتعامل مع الحركة الأمازيغية التي تطورت بشكل كبير في منطقة شمال إفريقيا، مستشهدا بالطوارق الذين أسسوا دولة عندما وجدوا متنفسا، وبالقبايل التي تتوفر على حكومة مستقلة، وبأمازيغ ليبيا الذين سيطروا على أراضيهم ويمتلكون السلاح". إليكم نص الحوار: بداية كيف تفسر انتقال القضية الأمازيغية من مرحلة الرفض الجماعي إلى التهافت الجماعي؟ تاريخ صعود الأمازيغية مرَّ من مراحل كثيرة خلال 100 سنة الماضية، فبعد الاستقلال انتشر التعريب والفرنكفونية بشكل كبير، حيث اتجهت الأحزاب والدولة نحو إغلاق الباب على الأمازيغية كلغة وحضارة وتاريخ، ليدخل بعد ذلك المغرب في تعريب شمل الإدارة والتعليم والمجتمع، لكن بعد مرحلة الثمانينيات بدأت مرحلة أخرى انتفض فيها الشباب الذي عرب في المدارس منذ 1956 إلى 1980، إذ ولد الضغط حركة ونهضة لإيمازيغن. الأجيال الجديدة الأمازيغية سعت جاهدة لرد الاعتبار للأمازيغية كسياسة وتاريخ وحضارة، إلى حدود سنة 2011. أما مرحلة 1980 هي محاولة لاختراق جدار التعريب الشامل، وحققت فيها الحركة انتصارات، فقد استطاعت رغم اليد الحديدية في الإدارة والقصر الملكي والأحزاب، فرض تحول على السياسات، حيث كسرت الجدران حتى وصول المرحلة الحالية. الآن نحن نعيش في مرحلة اختراق الأمازيغية للمجتمع والدولة، ولا أعتبر الأمر تهافت بل هو اختراق، الأجيال الموجودة اخترقت الأمن والعسكر والإدارة والأحزاب والنقابات، ومارست ضغطا بالإنتاج العلمي والأدبي والإعلامي، والعلاقات الدولية، إذ التحق إيمازيغن بالشعوب المضطهدة، وأسس المؤتمر العالمي الأمازيغي، موازاة مع حركات دولية لاسترجاع الأصل الهوية واللغة. الاختراق الحاصل ضغط على العلاقات الدولية، ابتداء منذ سنة 1993، حيث خرجت وفود من شمال إفريقيا وطن الأمازيغ، وتوجهت إلى الأممالمتحدة ودخلت تمازيغت ميدان حقوق الإنسان، في حين كانت حقوق الانسان مرتبطة بالعروبة ودين الدولة. لكن كل هذه الأشياء والتحركات كانت خارج نطاق المستثمرين والأثرياء. إلى حدود السنوات الأخيرة كانت الحركة الأمازيغية للفقراء، تضم العاطلين والطلاب والأطر البسيطة والروايس والفنانين، وغابت عنهم الرأسمالية، وشكل الأمر نقصا حقيقيا. وبخصوص المرحلة الحالية هل يمكن أن نصف ما يحدث بالانتهازية؟ الأمازيغية تمارس الضغط على الأحزاب، لقد اخترقها الشباب والمثقفين الذين اشتغلوا في إطار الحركة الطلابية، كما أن الإعلام لعب دورا كبيرا في الأمر. أنا لا أرى الواقع على أنه تهافت هم جرحوا بالأمازيغية، الآن بعض الرأسماليين بدؤوا يحاولون تجاريا التعامل مع إيمازيغن بلغة السوق، والأحزاب تحت ضغط الأصوات الانتخابية تنافق، فمثلا حزب الحركة الشعبية هو امتداد لتيار "ليبربيريست"، أيدوا سياسة التعريب والمغربة ولغة واحدة وأسلمة الدولة، لكن مع ذلك حملوا لافتات الأمازيغية كشعارات سياسية. بعدها جاء حزب التقدم والاشتراكية، حيث صَنف الحزب اليساري الأمازيغية ضمن الثقافة الشعبية، ولا يقول الثقافة الأمازيغية، والتحول الحالي يأتي بعد توفر إيمازيغن على حركة احتجاجية قوية، حيث أصبحت أي تعبئة سياسية أو ثقافية "مفيهاش" الأمازيغ عديمة الحماس. الهيكل الحزبي في المغرب لا يمكنه أن يخرج عن سياسة الملك، والتهافت الحالي هو لإرضاء الملك، هم ينفذون التعليمات. الجمع بين خدمة المخزن وبين مراعاة الضغط الشعبي والتعامل مع الحركة الاحتجاجية التي تطورت إلى مستوى آخر في شمال إفريقيا، فالطوارق أسسوا دولة عندما وجدوا متنفسا، وبالقبايل يتوفرون على حكومة مستقلة، وأمازيغ ليبيا سيطروا على أراضيهم ويمتلكون السلاح. في سياق حدة المطالب في الوقت الراهن، ما الذي يريده الأمازيغ من الملك؟ العلاقة بين إيمازيغن والملك بدأت باعتماد الملكية على أحرضان ومجموعته منذ الخمسينيات، وبعدها تحدث الملك عن نشرة اللهجات وغيرها، فمنذ تلك الفترة اخترقت الأمازيغية القصر الملكي بصريح العبارة، لكن الاتصال الشديد جاء إثر صعود الملك محمد السادس، ولخص الأمر من طرف المستشارين الملكيين، مزيان بلفقيه وحسن أوريد، في كون الملكية الجديدة لا تريد مشكل مع إيمازغين، وكانت تسائل الحركة هل إيمازيغن لهم مشكل مع القصر الملكي. انتهت كل اللقاءات مع المستشارين بخطاب أجدير، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وأُريدَ أن تبقى الأمازيغية في إطار الثقافة، بمعنى لا تساوي حضارة ولا شعب ولا حزب، وهذا ما جعلها ترفض تأسيس حزب أمازيغي، أما في مرحلة 20 فبراير فقد أصبحت الأمازيغية بعدا. هناك القصر ومجموع الشعب والحركة الأمازيغية، ليتم طرح الأمازيغية على أساس موضوع الشعب المغربي ككل إبان فترة الحراك لتأتي نتاج ذلك الدسترة. دائما ما تطرح جدلية "الأمازيغية والحكم"، كيف ترى الأمر؟ هل الأمازيغ مغيبون؟ بمنطق التاريخ الشعب المغربي كله أمازيغي، فقد كتب ابن خلدون في أواخر الدولة المرينية عن نهاية العرب بالمغرب بقيام دولة الأدارسة، لما دخل العرب إلى إفريقيا اختلطوا بالأمازيغ ففسدت لغتهم. العرب في شمال إفريقيا اختلطوا، ويعانون من مشكل لغوي، فالدارجة في حقيقية الأمر أمازيغية ويناورون الآن لإحيائها بعدما يأسوا من العروبة. من في الحكومة كلهم أمازيغ والأمن أمازيغ والعسكر أمازيغ، لكن بدون برنامج الأمازيغيين، الفرق بيننا وبينهم هو البرنامج السياسي، هل عروبي أو أمازيغي؟ هم يتبعون السياسة الرسمية المتمثلة في المغربة والتعريب، الحد الأدنى عندهم هو نحن مغاربة، نحن نحاسبهم على البرنامج السياسي. هناك مشكل سياسي يتعلق بمفهوم الدولة، المغرب رسميا في الأممالمتحدة عربي وليس حتى تعددي. المخزن لا يتوفر على تصور لوجود إيمازيغن في الدولة، رغم أن ابن خلدون يتحدث فقط عن دول الأمازيغ ولم يشر قط إلى دولة عربية في شمال إفريقيا، وحتى الأدارسة أمهم هي كنزة الأمازيغية. لماذا فشل الأمازيغ في تأسيس حزب يجمعهم؟ النقطة الحساسة، هي هل سيعترف المخزن بحزب أمازيغي، وفي الحقيقة الحزب يشتغل دون توصيل وغيرها من الأمور القانونية، إيمازيغن موجودون وأقوياء، والمسألة هي موازين قوى من سيضعف لكي يعترف بالآخر، نزيد من الضغط بعد تحقيق مكتسبات، لكن لحدود اللحظة لا وجود لمحاور هناك فقط مناور، وهي سياسة فاشلة، المخزن يريد شراء الساحة والامتيازات والحفلات والرشاوى، لكن هذا لا ينفع. الحزب بالنسبة لنا هو مرحلة نحو تأسيس دولة، الحركة السياسية تستهدف الحكم، المخزن في أزمة مع الجمهور لم يجد الحلول، ونحن هم الحل لأننا الوحيدون الذين يضمنون السلم في المغرب، وحتى مسألة الوحدة نحن حققناها فراية الأمازيغ موجودة في كل بقاع شمال إفريقيا، أما اتحاد المغرب العربي فلم يستطع أن يحقق ولو إنجازا واحدا رغم أن قادة الدول هم من وراء تأسيسه. نحن نحتاج لحوار سياسي حقيقي، وعلى المخزن إبعاد المناورة والشراء، إيمازيغن يدركون مناورات جميع الأحزاب والشراء لا يمكن. "اشريو تا يعياو". هل الحزب حتمية أمام الأمازيغ من أجل النهوض؟ لحد الآن تجارب الحزب كلها في إطار "ليبربيريست"، والمخزن ينعش هذا، لما أسس الحزب الأمازيغي 2005، خرج حزب الأصالة والمعاصرة وأخد برامجنا، لكن جوهر السياسة يقول مرحبا "لي بغا ياخد الراية اديرها لي بغا البرنامج اديرو"، هناك صراع سياسي مفتوح، ومسألة الحزب دائما مطروحة، ومساهمة إيمازيغن في تسيير الدولة هي الأخرى مطروحة بعد نشرنا لبرامج عديدة، ولدينا حركة احتجاجية قوية. في العديد من كتبك كنت دائما تشير لعبارة الدولة الأمازيغية هل يمكن أن توضحها؟ دولة الأمازيغ موجودة في التاريخ، وليس أنا من اكتشفها، مرجعية قدوم فرد من قريش ليعلم سكان المغرب بناء الدولة تافهة، فالأمازيغ يعودون إلى الألاف السنين، حيث عاشوا مع اليونانيين والفراعنة، أين نوميديا وماسينيسا ويوكرتن؟ كل هؤلاء لا يعتبرون تاريخا لدى الرواية الرسمية. دولة ماسينيسا قائمة ومرجعية إيمازيغن ليست هي الأدارسة، نحن عشنا مع اليونان وغيرها من الأقوام، أما حاليا فأرى أن الدولة الأمازيغية هي دولة تدمج إيمازيغن ليس في إطار خدمة المخزن. الدولة القادمة أمازيغية والتاريخ هو هذا، الدولة العربية لم تكن يوما هل السعديون والمرينيون عرب؟ حتى في تاريخ العلويين، فالمؤسسون للدولة رغم تصريحهم بانتمائهم إلى النسب الشريف والأدارسة، لم يقولوا يوما بعربية دولتهم. دستور 1962 هو الذي جاء بهذا المفهوم، في سياق اتسم بتأسيس دولة عربية في مصر من طرف جمال عبد الناصر، لتزكيه الحركة الوطنية، وبعض المستلبين في المغرب. على ضوء عودة أطوار محاكمات الريف، إلى أين يتجه الملف من وجهة نظرك؟ المخزن يعيش تناقضات خطيرة في هذا الباب، حيث صدر العفو الملكي متأخرا بعد أن طال مكوث المعتقلين في السجون وعذبت العائلات جراء المحاكمة الصورية، ما يوضح أن هناك تأخرا على مستوى فهم الواقع، كما أن اعتقال الريفيين وتوزيعهم على سجون متفرقة سياسة فاشلة ومتخلفة. الأمور أصبحت تتجه نحو منحى آخر. آخر المعلومات تفيد كذلك أن مشروع منارة المتوسط "طفات" لا أحد يتحدث عنها، وهذه الاعتقالات والمحاكمات لا تأثير لها على الريف، ولا الشراء ولا غيرها سينفع، فإدماج 5 وزراء من الريف والتجديد لحكيم بنشماس على رأس مجلس المستشارين لن ينفع مع الريافة. الحراك فيه ملائكة وشياطين، هناك من استفاد منه وأصبح وزيرا وهناك من قبع في السجن. رأيك في الأسماء التالية: ناصر الزفزافي: خرج من أزمة المجتمع المغربي، هو مثل المهدي المنتظر رغم أنني لا أؤمن بفكرة المهدي، زعيم الشباب والحراك، وسيبقى زعيما لأنه يلعب دوره، وفشلت معه المناورة والشراء. محمد شفيق: اشتغل داخل "البيربيريسم" مع الحسن الثاني، من قدماء ثانوية أزرو، عاش داخل حزب الاستقلال، مدير المعهد المولوي، أستاذ الملك محمد السادس وفؤاد عالي الهمة وياسين المنصوري وغيرهم، أعطى للثقافة الأمازيغية كثيرا بعدما دخل في حركة المعاجم، من الناس الذين استطاعوا خدمة المخزن والأمازيغية.