بجماعة عين حرودة، أو "17" كما تسميها ساكنة سيدي البرنوصي بالدار البيضاءوالمحمدية، ما تزال علامات احتلال الملك العمومي من طرف الباعة المتجولين بادية للعيان. بهذه الجماعة التابعة لعمالة المحمدية، تبدو السلطات غائبة، أو بالأحرى تغط في النوم غير قادرة على مواجهة زحف الفراشة والباعة الجائلين. احتلال الشارع إذا كانت الدول المغاربية لم تستطع أن تصل إلى توافق في قضايا عدة، فإن الباعة المتجولين بشارع "المغرب العربي" بعين حرودة استطاعوا أن يتفقوا على شيء ما، حتى ولو كان احتلال الشارع! في هذا المكان، كل مؤشرات الفوضى قائمة، ولا أحد يقوى على وضع حد لها، ويلزمك أزيد من 20 دقيقة لقطع مسافة قصيرة لا تتجاوز بضعة أمتار! أصحاب السيارات الذين يجدون يضطرون للمرور عبر المكان، يجدون صعوبة جمة في الإفلات من أصحاب العربات والمارة، ويكونون ملزمين بتوخي أقصى درجات الحذر، لا سيما وأن بعض الباعة "مامسوقينش". أما المواطنون فلا خيار لديهم سوى العبور وسط ما يمكن تسميته بالشارع، هذا إن بقيت لهم مساحة للمرور منها أصلا. حتى النساء اللواتي يفضلن التجول بالسوق لغياب بدائل بجماعة عين حرودة، يجدن اليوم أنفسهن معرضات للتحرش وسط الزحمة. وعلى غرار سوق القريعة بالدار البيضاء، يعرض بعض الشباب في أيديهم بضاعة من ملابس وأحذية وغيرها للبيع، لكنهم لا يعيرون المارة أي اهتمام. يتصرفون وكأن الشارع ملكا لهم، ولا من يجرؤ على الحديث معهم. لا تقتصر معاناة المواطنين مع الباعة الجائلين، بل تتجاوزها إلى أصحاب المنازل المجاورة التي الذيم يعانون في صمت بعدما لم يجدوا آذانا صاغية ولا سلطات قادرة على وقف انتشار هؤلاء واستمرارهم في إزعاجهم ليل نهار. أصحاب المنازل لم يعودوا قادرين على المكوث بها رفقة أولادهم أو ضيوفهم، فالكلمات النابية تصلهم إلى قلب شققهم، أما الضجيج والصراخ فحدث ولا حرج. البحث عن حل محمد، واحد من الباعة الجائلين صاحب عربة لبيع الخضر والفواكه، لا يجد فضاء آخر يعرض فيه يضاعته غير هذا المكان. يتوجه إلى سوق الجملة للخضر بالدار البيضاء، ويعود إلى عين حرودة محملا بسلعة طرية أملا في تحقيق ربح منها. يقول هذا الرجل الأربعيني، وهو يتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنه لم يجد مكانا آخر لعرض سلعته بشكل يليق به ويعفيه من المساهمة في هذه الفوضى، فأصبح مضطرا لدفع عربته بشارع "المغرب العربي" بحثا عن بعض الدريهمات والحصول لإعالة أسرته. ويؤكد البائع محمد أن الباعة الجائلين يرغبون في التنظيم بداخل سوق منظم ومهيكل لتفادي حالة الفوضى التي يعيشونها حاليا، والتي تتحول في كثير من الأحيان إلى مشاجرات فيما بينهم أو مع بعض المارة. وكما محمد، فالذين تحدثوا إلينا عبروا عن رغبتهم في الانتقال إلى مكان آخر، بيد أن السلطات المحلية والعاملية لم توفر لهم إلى حد الساعة سوقا نموذجيا يريحهم من الوضع الذي هم فيه، ويمكنهم من تحقيق استقرارهم الأسري، خاصة الشباب الذين يعرضون بعض الملابس والأحذية في أيديهم ويجوبون السوق ذهابا وإيابا. سوق نموذجي أمام هذه الفوضى التي يحدثها "الفراشة الذين أقدموا على نصب خيامهم وسط الشارع وفي المدارات الطرقية، وأمام صمت السلطات المحلية التي تعاقبت على المنطقة، فإن الساكنة لم تجد بدا عن الاحتجاج لإيصال صوتها إلى السلطات العاملية بالمحمدية. شكايات عديدة وجهتها الساكنة إلى مختلف المصالح لكنها لم تتلق إلى حد الساعة ردا مقنعا، طالما أن الباعة المتجولين مازالوا مستمرين في احتلال الأرصفة والشارع والمدارات على مرأى ومسمع من عناصر القوات المساعدة و"المقدمية". السلطة المحلية في شخص القائد الجديد الذي تم تعيينه بجماعة عين حرودة، تشير بعض المصادر المحلية إلى أنه يعمل جاهدا من أجل تجاوز الوضع، والتدخل لوقف هذه العشوائية التي تهيمن على المكان وتسيء إلى سمعة المنطقة. وبحسب المصادر نفسها، فإن هناك محاولات من أجل نقل هؤلاء الباعة المتجولين إلى "الرحبة" بالقرب من دار الثقافة بعين حرودة بشكل مؤقت، في انتظار بناء سوق نموذجي قادر على احتواء الجميع وضمان الكرامة لهم.