يعود ملف اتفاق الصيد البحري إلى استنفار مصالح الدبلوماسية المغربية، عقب استئناف الاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاقية، إذ تتداول اللجنة الأوروبية بمعية المغرب وممثلي جبهة البوليساريو في تفاصيلها، تنفيذا لما أصدره الاتحاد من توصيات تهم "تبادل الرؤى وبحث التطورات المتعلقة بالشراكة الاقتصادية في مجال الصيد البحري بين المسؤولين الحكوميين المغاربة وأعضاء لجنة الصيد البحري الأوروبية". اللقاء الذي احتضنته العاصمة البلجيكية بروكسيل، مساء اليوم الثلاثاء، التقت فيه المفوضية الأوروبية بمحمد الأمين حرمة الله، القيادي التجمعي بجهة الداخلة، وبدر موساوي، أحد المستثمرين في قطاع الصيد البحري، وسفير المملكة المغربية في الاتحاد الأوروبي، أحمد رضا الشامي، بالإضافة إلى القياديين في جبهة البوليساريو امحمد خداد، ومحمد سيداتي. وجددت المفوضية الأوربية من خلال بيانها الصادر عن اللقاء، دعمها لإدراج مياه الصحراء في الاتفاق، مع مراعاة قرار المحكمة الأوروبية، الذي سبق وطالب باستثناء مياه الصحراء المغربية من اتفاق الصيد البحري، في مزاوجة يرى فيها متتبعون دمجا بين ما يفرضه القانون الأوروبي وما تريده السياسة الأوروبية. تحركات لجنة الصيد البحري من أجل تمرير الاتفاق يوازيها بشكل لا يقل أهمية عملُ لجنة الزراعة التي طالبت بدورها على لسان مقررتها الفرنسية، ميشال دانتين، بضرورة الموافقة على إدراج مياه الصحراء ضمن اتفاق الصيد البحري. وقدمت القيادية في الحزب الديمقراطي المسيحي مقترحا للبرلمان الأوروبي من أجل تنفيذ الأمر. وفي هذا الصدد، أوضح محمد الأمين حرمة الله، أحد أعضاء الوفد المغربي، أن "ممثلي جبهة البوليساريو أعادوا أسطوانتهم المشروخة بخصوص عدم توقيع اتفاق الصيد مع المغرب، على اعتبار أن الصحراء أرض متنازع عليها، لكن الوفد المغربي أوقف مغالطاتهم بسؤال الشرعية أولا، إذ إن الذاهبين صوب بروكسيل هم منتخبون شرعيون، اختارهم الصحراويون من خلال صناديق الاقتراع". وأضاف حرمة الله في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن "الوفد المغربي استعرض المنجزات التي تحققت على أرض الواقع، واستدل بالأرقام لضرب ما تجتره البوليساريو، رافعا التحدي أمامها والجزائر إذا كانت فعلا ممثلة للصحراويين أن تكشف رقم المحتجزين في مخيمات تندوف". من جهته أوضح رضا الفلاح، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن زهر بأكادير، أن "نقاش اعتبار أراضي الصحراء مغربية أو ليست مغربية يخص مؤسسات الاتحاد الأوروبي، أما المملكة فهي حاسمة توجهها ولا يمكنها التنازل عن سيادتها على صحرائها"، لافتا إلى أن "الاتحاد الأوروبي تفقد كل الأمور المتعلقة باتفاق الصيد عند زيارته إلى الصحراء". وأضاف الفلاح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب لا يمكنه أن يوقع اتفاقية تمس بسيادته على الصحراء، ومن غير المعقول أن يكون مطلب الأوروبيين هو تجديد الاتفاق بصيغة تضر بالمصالح المغربية، خصوصا أن مسألة استشارة سكان الأقاليم الجنوبية وتفقد أحوالهم وافق عليها المغرب بشكل عادي". وأردف المحلل السياسي المغربي بأن "المغرب مطالب باعتماد الإستراتيجية السابقة نفسها التي أثبتت نجاعتها، بإشراك منتخبي أقاليم الصحراء في جميع محطات التفاوض المقبلة". تجدر الإشارة إلى أن المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي كانا قد وقعا شهر يوليوز الماضي، بمقر وزارة الفلاحة والصيد البحري في الرباط، بحضور سفراء الدول المعنية، بالأحرف الأولى على الاتفاقية الجديدة للصيد البحري، بعد مفاوضات بدأت منذ أبريل الماضي.