يشرع المغرب والجزائر، قريباً، في عقد سلسلة من الاجتماعات بخصوص أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي ستنتقل ملكيته الكاملة إلى المملكة المغربية سنة 2021. ويربط هذا الأنبوب، الذي يعرف ب"Maghreb Europe Gas Pipeline"، الجزائر بالقارة الأوروبية عبر المغرب؛ وستنتهي العقود والاتفاقيات المؤطرة لهذا الاستيراد بعد ثلاث سنوات. وبعد شكوك حول تجديد هذا الاتفاق، وافقت الجزائر والمغرب على بدء محادثات بشأن مستقبل إمداد أوروبا بالغاز عبر التراب المغربي، وذلك على هامش المؤتمر العربي حول الطاقة الذي عقد قبل أيام في مدينة مراكش. خلال الموعد نفسه اتفق كل من وزير الطاقة الجزائري مصطفى قيطوني ونظيره المغربي عزيز الرباح على إجراء مزيد من الاجتماعات للاتفاق على شروط العقد الجديد. مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والمناجم الجزائرية قال إن "قرار الشروع في مناقشات لتجديد العقد يأتي بعد مخاوف من أن المغرب قد يختار عدم تجديد الاتفاق بعد انتهاء صلاحيته في 2021". وأشار المصدر نفسه، في الموضوع ذاته، إلى أن "الاجتماعات المرتقبة ستحدد شروط العقد الخاص بتوريد الغاز الجزائري إلى المغرب"، وفق تعبيره. المسؤول الجزائري، في تصريح لموقع دولي متخصص في الطاقة ومقره لندن، أضاف أن "المسؤولين في البلدين متفائلون جداً بخصوص تعزيز الشراكات بين المغرب والجزائر في ما يتعلق بإمداد المغرب بالغاز الجزائري". جدير بالذكر أن أنبوب الغاز الذي يمتد على مسافة 1300 كيلومتر ينطلق من منطقة حاسي الرمل في الجزائر، ويعبر المغرب على طول 540 كيلومترا، ويصل إلى قرطبة الإسبانية، وهو في ملكية الجزائر منذ تشييده، لكن ملكيته ستؤول إلى المغرب اعتباراً من 2021. وينقل أنبوب الغاز 13.5 مليارات متر مكعب من الغاز، تحصل منها المملكة المغرب يةعلى 500 مليون متر مكعب لتشغيل محطتين هامتين لإنتاج الكهرباء. وشرعت وسائل إعلام جزائرية في الضغط على مسؤولي بلادها للتفاوض مع المغرب من موقع قوة، وفق الأسعار التي تحددها الجزائر ضمن العقد المنتظر. وقال موقع "المرصد الجزائري" إنه "من خلال هذه التطورات الجديدة يتضح أن الجزائر ستفاوض المغرب على أسعار تصدير الغاز من موقع قوة، على اعتبار أنه بحلول العام 2021 ستكون إمدادات الغاز الجزائرية إلى إسبانيا مضمونة بشكل شبه كامل عبر أنبوب ميدغاز، الرابط مباشرة بين بني صاف وألميرية، جنوب إسبانيا، ولا داعي للإمداد عبر أنبوب الغاز العابر للمغرب". في مقابل هذه التخوفات، قال الخبير في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني عبد العزيز الرماني: "في المفاوضات الاقتصادية نضع كل الخلافات السياسية جانياً، وذلك في إطار مفهوم عولمة الاقتصاد وعولمة الإرهاب"، مشيرا إلى أنه في "مجال محاربة التطرف والعنف فإن الجزائر والمغرب مضطران إلى التعاون، وكذلك في مجال الطاقة والغاز". وأوضح المتخصص نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المفاوضات حول أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي كانت محط نقاشات منذ سنة 2011 بين البلدين، إذ يتم الاتفاق على بنوده في إطار المؤسسات الدولية المعنية التي تؤطر مثل هذه الاتفاقيات". واعتبر المتحدث بأن "الاتفاقية المرتقبة بين الطرفين ستكون بمنطق "رابح رابح"، ولا وجود لأي جانب تفضيلي للجانب الجزائري أو المغربي في هذه العملية ما دام الأمر يتعلق بمرور نسبة من الغاز يستفيد المغرب منها، ليس بمقابل مادي ولكن بمقابل غازي". وخلص الخبير ذاته إلى أنه "لا يمكن استحضار الجانب السياسي ونحن نتحدث عن جانب اقتصادي يهم المنطقة المغاربية وأوروبا، بصفة عامة"، مضيفا أن "المفاوضات في هذا الجانب لا يحكمها منطق الخاسر والرابح كما هو الشأن بالنسبة للسياسة".