في خطوة أثارت الكثير من ردود الفعل، قرَّر النظام الجزائري منع ضباط كبار ممن شملهم قرار الإعفاء الرئاسي من مغادرة البلاد، بعدما بصمت السلطة الحاكمة على تغييرات مفاجئة في الجهاز العسكري أجراها مؤخرا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وقائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، شملت سبعة من كبار جنرالات الجيش والدرك والشرطة والمخابرات، إضافة إلى إعفاء قائدي القوات البرية والبحرية والأمين العام لوزارة الدفاع. ويهمُّ قرار المنع من السفر، بحسب مصادر إعلامية، الجنرال سعيد باي، القائد السابق للناحية العسكرية الثانية، والجنرال بوجمعة بودواور، المدير السابق للمالية بوزارة الدفاع، والجنرال شريف عبد الرزاق، القائد السابق للناحية العسكرية الرابعة، والجنرال مناد نوبة، القائد السابق للدرك الوطني، والجنرال الحبيب شنتوف، القائد السابق للناحية العسكرية الأولى. ويرى مراقبون أن "التطورات المتسارعة التي تشهدها الجارة الشرقية ليست بمنأى عن محاولات الاستحواذ على السلطة، السيناريو الذي ظل يتكرر في المشهد السياسي بالبلاد، حيث يتجنّد محيط بوتفليقة والأحزاب الموالية له لدعمه في ولاية رئاسية هي الخامسة على التوالي، وسط ردود فعل رافضة لقوى المعارضة". ويدلُّ المسلسل الواسع لإعفاءات قيادات الجيش بالجزائر من طرف القايد صالح، تحت غطاء مراسيم رئاسية منسوبة إلى عبد العزيز بوتفليقة، بحسب عبد الرحيم المنار السليمي، أستاذ باحث في العلاقات الدولية مدير المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، على "مسلسل انقلاب في الحكم سينتهي إما بوصول القايد صالح نفسه إلى الحكم وإزاحة بوتفليقة، أو باغتيال القايد صالح من طرف من تبقى من محيط عبد العزيز بوتفليقة". وينظرُ السليمي إلى قرار منع كل الجنرالات الذين وقع إعفاؤهم مؤخرا من مغادرة البلاد أنه "قرارٌ طبيعي، كون القايد صالح يخاف من قيام معارضة واسعة في الخارج تضم جنرالات سابقين؛ لذلك يعمد إلى منع الجنرالات المعفيين من مغادرة الجزائر ويتجه نحو تنظيم محاكمات لبعضهم، وعلى رأسهم الجنرال عبد الغني الهامل الذي تم الشروع في تجريده من ممتلكاته". أما اللواء الجزائري المتقاعد مجاهد عبد العزيز، فقال في تصريح لجريدة هسبريس: "هذه التغييرات طبيعية، وليست بذلك الحجم والحساسية التي يحاول الإعلام الدولي تسويقها؛ فالضباط المعنيون قضوا عشرين سنة في الخدمة العسكرية وطبيعي أن تشملهم هذه التغييرات وهذه القرارات". وأضاف القائد السابق للقوات البرية في الجيش الشعبي الوطني أن "هذه التغييرات تكون عادية في كل التنظيمات العسكرية" مشيراً إلى أن "السلطة الوحيدة المخول لها منع الضباط من الخروج من التراب الجزائري هي سلطة القضاء". ويقرأ السليمي في منع القايد صالح لجنرالات معفيين من مغادرة البلاد بأنّ "الجزائر تعيش انقلابا يقوده القايد صالح ولا يريد خروج جنرالات من الجزائر تفاديا لقيام المعارضة الجزائرية بتشكيل حكومة معارضة في المنفى مدعومة بجنرالات معفيين مؤخرا". ويرى الباحث ذاته أن "قرار منع الجنرالات من مغادرة البلاد يريد من خلاله القايد صالح تفادي تدويل الأزمة الجزائرية؛ وذلك بترك الجنرالات داخل الجزائر لكي لا يسقطوا في يد مخابرات القوى الدولية التي تريد رسم المشهد الرئاسي المقبل في الجزائر وتقوم باستعمالهم في صراعات الأزمة الجزائرية حول الرئاسة". لكن هذا القرار "من شأنه تحويل الجزائر خلال الأشهر المقبلة إلى رقعة صراع دموي مفتوح حول السلطة والمصالح بين الجنرالات المعفيين والقايد صالح"، يقول السليمي، موضحا أن "التقارير الأمنية حول الجزائر تشير إلى بداية تشكل حلف جديد بين المحيط الرئاسي بقيادة بنعلي، والجنرال المتقاعد توفيق مدين الذي يجر وراءه كل الجنرالات المعفيين".