يستمر جدل المقررات الدراسية في المملكة؛ هذه المرة مع مقرّر باللغة الفرنسية يدرّس بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي في المدارس الخصوصية بالمغرب، ويشتكي بعض أولياء الأمور من احتوائه مضامينَ "تمسّ بالذات الإلهية". أحد أولياء الأمور قال إن كتاب "Cahier de français 5"، الذي يدرسه ابنه في السنة الأولى من التعليم الإعدادي بإحدى المدارس الخصوصية في الرباط، "يتضمن نصا يصوّر الله على أنه إله صغير أخذ ورقة وألوانا وبدأ في خلق العالم..". المعطى استغربه الأب قائلا: "إنه يقدّم تصورا لائكيا يمكن أن يكون مقبولا في المجتمع الفرنسي، ربما؛ ولكن بالنسبة لنا لا يمكن تجسيد الله على أنه صغير ويرسم العالم". وأضاف المتحدّث: "رغم أن الكتاب جيد من النّاحية اللغوية إلا أن هذه المضامين تخلق ارتباكا ذهنيّا في تصورات التلاميذ، كما أنها لا تنسجم مع مضامين المقرّرات الأخرى التي يتم تدريسها"، مطالبا بتفادي التعامل في المؤسسة مع هذا النص. علي آيت أوشان، أستاذ باحث بمركز تكوين مفتّشي التعليم، قال إنه عندما يتم استقدام كتب من فرنسا وتدريسها في المغرب، سواء في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية، فطبعا سيطرح هذا بعض المشاكل، خاصة بالنسبة للتلاميذ. وزاد الباحث موضحا: "نعيش في المغرب واقعا مختلفا. وهناك مفهوم في التربية يسمى التمثلات، إذ يكون للتلميذ تمثل عن واقعه لتكون معه العملية التواصلية سهلة، ولكن عندما ينتفي يصعُب التواصل. وأيضا عندما تقدّم نصوص لها علاقة بثقافة أخرى وواقع آخر فهذا يخلق للتلميذ عائقا بيداغوجيا من حيث القيم والحضارة والأعياد...". ووضّح أوشان الفرق بين المدارس الخصوصية المغربية والمدارس التابعة للبعثة، مثل "ديكارت" و"أندريه مالرو"، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة مستقلة في برامجها ومناهجها وتوقيتها بالكامل عن المغرب، أما المدارس الكاثوليكية فهي تابعة للمغرب بنسبة 70 بالمائة وتدرّس فيها جميع المواد التي تدرّس بالمدارس المغربية باستثناء الفرنسية والرياضيات اللّتَيْن يُعتمد فيهما على الكتب المدرسية الفرنسية؛ وهو ما يتمّ أيضا بالمدارس الخاصة التي ليست لها علاقة بالبعثة. من جهته صرّح مصدر من وزارة التربية الوطنية، غير راغب في كشف هويته، بأن المدارس الخاصة المغربية مطالبة بتدريس نفس الكتب المدرسية المقرّرة من طرف الوزارة، لكن لها الحقّ في استعمال كتب تكميلية؛ وهو ما نصّت عليه مذكرة وزارية جدّدت منذ سنتين وطالبت بوضع لائحة الكتب التكميلية المستعملة من طرف المدارس الخاصة المغربية في مصلحة التعليم الخصوصي بالأكاديمية. وأضاف المصدر نفسه أنه بالنسبة للبعثة الفرنسية في المغرب فإن الوزارة الوصيّة تصادق على كتابي اللغة العربية وكتاب التاريخ والجغرافيا، الّلذين يتم تدارسهما في لجنة مشتركة مع البعثة الأجنبية؛ يترأسها المفتش المكلف بالمراقبة التربوية لهاتين المادتين.