رغم دخول القوانين المنظمة للتصريح الإجباري بالممتلكات حيز التنفيذ سنة 2010، فإن عددا من المسؤولين بالمغرب يتهربون من هذا الإجراء الذي يفضح ناهبي المال العام ويعزز إستراتيجيات مكافحة الفساد في البلاد. فقد كشف التقرير السنوي الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016-2017 أن غالبية أعضاء الحكومة السابقة صرحوا بمناسبة انتهاء مهامهم بممتلكاتهم، باستثناء 10 أعضاء لم يقوموا بعد بذلك. وأشار "مجلس جطو" إلى أن أعضاء الحكومة الجُدد، وكذا الأعضاء الذين تمت إعادة تعيينهم، قاموا بالإدلاء بالتصريح الأولي بممتلكاتهم لدى المجلس الأعلى للحسابات، موردا أن الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أخبر الأمين العام للحكومة بوضعية تصريحات أعضاء الحكومة، عبر قائمة بأسماء الأعضاء المصرحين، وكذا الأعضاء غير المصرحين، لدعوتهم إلى تسوية وضعيتهم. التقرير ذاته كشف تهرب رؤساء الدواوين في حكومة العثماني من التصريح بممتلكاتهم رغم أن القوانين الجاري بها العمل تلزمهم بذلك، إذ أشار إلى أن كل الرؤساء المغادرين في الحكومة السابقة قاموا بالإدلاء بالتصريح بمناسبة انتهاء مهامهم، بينما لم يقم غالبية رؤساء الدواوين الجُدد (24 من أصل 29) بعد بالتصريح بمناسبة استلام مهامهم. وعلى مستوى البرلمان، أورد التقرير أن جميع النواب الجدد قاموا بإيداع التصريح بالممتلكات الأولي، ويتعلق الأمر ب417 نائبا برلمانيا، بمن فيهم النواب الذين عوضوا المقاعد الملغاة. أما بالنسبة للنواب المغادرين، والذين بلغ عددهم 261 نائبا، فقد قام 168 منهم فقط بالتصريح بممتلكاتهم بمناسبة انتهاء الانتداب، في حين لم يقم الباقون (93) بعد بالتصريح بممتلكاتهم، رغم تمديد عملية إيداع وتلقي التصريحات إلى متم سنة 2017، وذلك بعد انصرام الآجال القانونية. وبخصوص مجلس المستشارين، الذي عرف خلال سنتي 2016 و2017 تغييرات مهمة بين أعضائه، خصت 29 عضوا برلمانيا، بمناسبة انتخاب أو إعادة انتخاب أو إلغاء مقعد أو شغل مقعد إثر التجريد من الصفة، فقد قام هؤلاء المستشارون بإيداع التصريحات اللازمة، فيما لازال 13 مستشارا لم يودعوا بعد تصريحاتهم. أما بالنسبة لفئة الموظفين والأعوان العموميين فقد تلقى المجلس الأعلى للحسابات 6.156 تصريحا سنتي 2016 و2017. وعموما، كشف التقرير ذاته، فشل قانون التصريح بالممتلكات بالمغرب من تحقيق الأهداف المنشودة، وهو ما عبر عنه المجلس بالقول إن "بعض القوائم المتوصل بها ليست مطابقة للنموذج المعتمد أو تنقصها بعض المعطيات الضرورية، ما يعرقل عملية المراقبة والتتبع، ولا يمكن من إنجازها بطريقة فعالة". ويواجه المجلس الأعلى للحسابات، الهيئة المخول لها مراقبة التصريح بالممتلكات، عددا من الإكراهات، من بينها "القاعدة الواسعة للملزمين، ما ينتج عنه إيداع أعداد كبيرة من التصريحات لدى المجلس الأعلى للحسابات، ويعرقل، بالتالي، عملية المراقبة والتتبع، لاسيما أن المجلس يبقى مرهونا بمدى استجابة السلطات الحكومية لمراسلاته المتعلقة بمده بالمعلومات اللازمة في هذا الشأن؛ بالإضافة إلى عدم توجيه القوائم التي طرأت عليها تغييرات للمجلس في حينه (من تعيينات جديدة أو انتهاء للمهام) وموافاته بها بعد مرور عدة أشهر من التعيين، ما يجعل تتبع إيداع التصريحات اللازمة في الآجال القانونية هدفا صعب المنال". ولتجاوز هذه الإكراهات والعمل على بلوغ الأهداف المنشودة من منظومة التصريح الإجباري بالممتلكات، يقترح المجلس الأعلى للحسابات مراجعة الإطار القانوني المنظم لها وملاءمته والمقتضيات المستجدة بدستور 2011، خاصة الشطر الأول من الفقرة الرابعة من الفصل 147، وكذا الفصل 158، بشكل يتجاوز نقائص ومحدودية المنظومة الحالية.