حالة قصوى من الاستنفار تعيش على وقعها حكومة سعد الدين العثماني، وذلك قصد تمكين المصالح اللاممركزة الجهوية من جملة من الاختصاصات التي تتوفر عليها الإدارات المركزية للدولة، في أول تفاعل لها مع الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش. وكان الملك محمد السادس وجه الحكومة إلى ضرورة العمل على إنجاح ثلاثة أوراش أساسية، مشيرا إلى أن أولها هو إصدار ميثاق اللاتمركز الإداري داخل أجل لا يتعدى نهاية شهر أكتوبر المقبل. وفي مقابل تأكيد الجالس على العرش على تنزيل هذا الورش "بما يتيح للمسؤولين المحليين اتخاذ القرارات، وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في انسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة"، يرتقب أن تصادق الحكومة في مجلسها المقبل، حسب مصدر حكومي، على مشروع ميثاق اللاتمركز الإداري، والذي سيقوم بتنسيق تدخل الدولة على المستوى الجهوي والترابي، وسيسمح بنقل ممثلي الإدارات المركزية إلى الجهات. مشروع القانون الذي أنهت الحكومة صيغته الأولى "يسعى إلى تمكين المصالح اللاممركزة الجهوية من جملة من الاختصاصات"، إذ يقوم على المساهمة في إعداد "برنامج عمل" الدولة على المستوى الجهوي، تحت إشراف والي الجهة، مؤكدا على ضرورة تنشيط المصالح اللاممركزة على مستوى العمالات والأقاليم، وتدعيم علاقات الشراكة بين الدولة والجماعات الترابية. ويسعى المشروع إلى مواكبة الجماعات الترابية في إعداد برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب، بتكامل وانسجام مع برنامج عمل الدولة على المستوى الجهوي، موضحا أن المصالح اللاممركزة على صعيد العمالة أو الإقليم ستتولى، من جهتها، تنفيذ السياسات والبرامج العمومية الحكومية، مع تقديم الدعم والمساعدة اللازمة لفائدة الجماعات الترابية وهيئاتها من أجل مساعدتها على الاضطلاع بمهامها. ويعتمد المشروع الحكومي على مبدأ نقل المبادرة لفائدة المصالح اللاممركزة في تنفيذ السياسات العمومية التي يتم إعدادها على المستوى المركزي، مشيرا إلى أنه تصور تتبوأ فيه الجهة مركز الصدارة في تمثيل الإدارة المركزية على المستوى الترابي. وسبق للملك أن طالب الحكومة بتسريع التطبيق الكامل للجهوية المتقدمة، لما تحمله من حلول وإجابات للمطالب الاجتماعية والتنموية، بمختلف جهات المملكة، داعيا إلى إضفاء المزيد من النجاعة على تدبير الشأن العام المحلي، وقال: "نلح على ضرورة نقل الكفاءات البشرية المؤهلة والموارد المالية الكافية للجهات، موازاة مع نقل الاختصاصات". ودعا الملك محمد السادس في هذا الصدد إلى إخراج "ميثاق متقدم للاتمركز الإداري الذي طالما دعونا إلى اعتماده وتحديد برنامج زمني دقيق لتطبيقه"، موجها الحكومة إلى "وضع جدول زمني مضبوط لاستكمال تفعيل الجهوية المتقدمة".