يطل قمر دام في السماء الليلة في معظم أنحاء العالم حينما يتحرك القمر نحو ظل الأرض في أطول خسوف في القرن الحادي والعشرين. وتقول إدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا" إن الخسوف الكلي سيستغرق ساعة و42 دقيقة و57 ثانية، لكن سيسبقه وسيليه خسوف جزئي، مما يعني أن القمر سيقبع ثلاث ساعات و54 دقيقة في الجزء المعتم من ظل الأرض. وفي أنحاء العالم من تاج محل إلى برج إيفل، سيرفع الناس وجوههم إلى السماء بحثا عن القمر الدموي الذي يظهر باللون البرتقالي أو البني أو القرمزي مع اختراق أشعة الشمس للغلاف الجوي للأرض. وفي المغرب، سيبدأ الخسوف في العاصمة المغربية عند الساعة الثامنة مساء و26 دقيقة، وسيصل الذروة عند التاسعة مساء ويمكن رؤيته في أوروبا وروسيا وأفريقيا والشرق الأوسط ومعظم أنحاء آسيا وأستراليا، ودفع المئات في أستراليا بالفعل مقابل مشاهدة الخسوف من مرصد سيدني قبل شروق الشمس، وقال آندرو جاكوب، أمين المرصد الواقع بالقرب من جسر ميناء سيدني: "نفدت تذاكر الحدث. لدينا نحو مئتي شخص حجزوا للقدوم ومشاهدته (الخسوف) معنا". نهاية العالم وفي وقت يستعد فيه العالم لمتابعة هذا الحدث الفلكي ويعدّ علماء الفضاء وهواة الفلك ووسائل الإعلام العالمية ومراقبو الكواكب العدة لمواكبته، انتشر كلام مخيف: تحذير من شيخ لبناني على مواقع التواصل اللبناني، و"كارثة عالمية سيشهدها العالم من خلال زلال عالمي"، على حد زعمه. ومنذ توالي هذه الخسوفات القمرية، لم يُسجِّل العلماء وقوع زلازل أو هزات أرضية بالتزامن معها، أو نهاية العالم، بينما تتزايد مزاعم أو "تنبؤات" أو توقعات دينية عن ارتباط ظاهرة قمر الدم بدمار أو كارثة ستحل بالكرة الأرضية. فعلى غرار "الشيخ اللبناني" في الفيديو، سبق أن سوّق قساوسة إنجيليون أميركيون، أبرزهم الواعظ التلفزيوني جون هاغي، لأحداث خارقة رهيبة مرتبطة بما يُعرف ب"رباعية قمر الدم"، خلال 2014 و2015، بالاستناد إلى آيات محددة في الكتاب المقدس. وقد انتهت الرباعية، ولم يتحقق أي شيء مما تكلم عليه هاغي ورفاقه، علما أن قراءتهم الدينية لا يوافق عليها إطلاقا علماء فقهاء في الكتاب المقدس من كنائس كثيرة أخرى، ويحذرون منها. وعلى غرار "الشيخ اللبناني" أيضا، وجّه القس الأميركي بول بيغلي تحذيرا لاعتقاده أن "قمر الدم" في 27 يوليوز علامة على انتهاء الزمن. وقال في فيديو على "يوتيوب": "نحن في عصر نهاية العالم. وهذا القمر الدموي الذي سيكون الأطول في هذا القرن، يحصل في السنة السبعين لقيام دولة إسرائيل. ويحصل في السنة السبعين التي اعلنت فيها القدس مدينة الله الأبدية، وأيضا في وقت أطلق البركان في هاواي حممه". ظاهرة فلكية غير مسبوقة من جهته، قال آندرو فابيان، أستاذ علم الفلك بجامعة كمبردج، لرويترز: "يطلق عليه القمر الدموي لأن أشعة الشمس تخترق الغلاف الجوي للأرض في طريقها إلى القمر ويحول الغلاف الجوي للأرض الأشعة إلى اللون الأحمر بالشكل ذاته الذي يصطبغ فيه قرص الشمس باللون الأحمر عند الغروب". في الوقت نفسه يقترب المريخ من الأرض أكثر مما حدث في عام 2003؛ لذلك قد يشاهد بعض المتابعين ما يبدو أنه نجم يتراوح لونه بين الأحمر والبرتقالي الذي سيكون في الواقع الكوكب الأحمر (المريخ). وقال روبرت ماسي، نائب المدير التنفيذي للجمعية الملكية البريطانية لعلماء الفلك: "إنها مصادفة غير مألوفة بالمرة أن يحدث خسوف كامل للقمر بينما يكون المريخ في الجانب المقابل خلال الليلة نفسها". بدوره، ذكر سفين ميلشيرت، رئيس الرابطة الألمانية لعلماء الفلك الهواة، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ): "أنها ظاهرة غير مسبوقة للأشخاص الذين يعيشون اليوم". ومنذ آلاف السنين يجول الإنسان بنظره في السماء بحثا عن بشير خير أو نذير شؤم، لكن علماء الفلك قالوا إنه لا يوجد ما يستدعي القلق. ولن يتسنى مشاهدة الخسوف في أمريكا الشمالية ومعظم أنحاء المحيط الهادي. ومن المتوقع أن يحدث خسوف القمر المقبل للفترة الزمنية نفسها عام 2123.