تترقب الأرض بشوق ظاهرة فلكية فريدة في 27 تموز 2018، يتخللها خسوف كلي للقمر، مع ظهور ما يُسمَّى "قمر الدم"، بحيث يبدو بلون أحمر او برتقالي او نحاسي، مع شرح علمي معروف له. وفي وقت يستعد اللبنانيون لمتابعة هذا الحدث الفلكي ويعدّ علماء الفضاء وهواة الفلك ووسائل الاعلام العالمية ومراقبو الكواكب العدة لمواكبته، ينتشر كلام مخيف بالعربية: تحذير من "شيخ" على ال"واتساب"، وكارثة عالمية سيشهدها العالم في ذلك اليوم، على قوله. في الفيديو، يطل رجل، "شيخ" وضع عمامة على الرأس، مع لحية ارخاها. وبصوت واثق، يقول: "باسم الله الرحمن الرحيم، إطلعو الليلة في 30/6، من الساعة عشرة ونص وطالع، شوفو المريخ راهج بالحمرة، تحت القمر الناقص. حتّى تتيقنو بكلامي انو المريخ الواصل لذروة الاقتراب من الكرة الارضية رح يكون مشرق، راهج بالاحمرار الساطع، تحت البدر المكتمل المخسوف خسوف دموي بعشية 27/7/2018 ميلادية، وانو رح يسبب زلزال عالمي عند الفجر. واذا تأخر الزلزال العالمي عن فجر 28/7/2018 ميلادية، ساعة واحدة فقط، وحدث عند الصباح، قولو عني بلا شرف ولعنوني. وقد اعذر من أنذر". دقيقة و3 ثوان فقط. وانتشرت رسالته التحذيرية على ال"واتساب"، في وقت ابدى مستخدمون خوفهم. "الله ينجينا!" علّق بعضهم. ولكن من هو هذا الشخص؟ هل هو شيخ بالفعل؟ والى اي طائفة ينتمي؟ وما حقيقة مزاعمه؟ وهل قمر الدم نذير شؤم، وعلامة لحصول كارثة عالمية؟ ام ان الكلام على زلزال عالمي او نهاية العالم مجرد اعتقاد زائف؟ خبر كاذب؟ من دون جدوى! وفقا لمعلومات توفرت ل"النهار"، "الشخص الذي يظهر في الفيديو يرتدي ثياب شيخ درزي، لكنه ليس شيخا، ولا يمثل رجال الدين الدروز، لا من قريب ولا من بعيد"، على ما يؤكد مصدر مطلع في الطائفة الدرزية في لبنان، مشددا على ان "ما يزعمه الرجل في الفيديو، لا يمثل اطلاقا رأي طائفة الموحدين الدروز، ولا المشايخ الدروز". ويفيد ان "هذا الشخص موجود في منطقة هضبة الجولان المحتل من اسرائيل. وهناك لا سلطة لمشيخة عقل او مرجعية روحية درزية لردعه او منعه عن الكلام، علما انه حصلت محاولات من بعض رجال الدين هناك لثنيه، ولكن من دون جدوى". ويحسم الامر: "القمر الدموي ظاهرة فلكية علمية، تتعلق بحركة الكواكب. والطائفة الدرزية لا تتبنى اطلاقا ما يزعمه هذا الشخص، خصوصا لجهة حصول زلزال عالمي بالتزامن مع هذه الظاهرة. لا نتبنى اطلاقا كلامه، لا من قريب ولا من بعيد". ظاهرة فلكية نادرة في الواقع، يعتبر خسوف القمر ظاهرة فلكية نادرة تحصل عندما تصطف الشمس والأرض والقمر في خط واحد، في ما يسمى حالة اقتران كوكبي كامل (خسوف كامل)، او تقريبي (خسوف جزئي). وخلاله، يحجب ظل الأرض أشعة الشمس التي من المُفترض أن تنعكس على القمر، او بتعابير اخرى يدخل القمر منطقة ظل الأرض. 3 انواع من خسوف القمر. ووفقا للشرح العلمي، في حالة خسوفه الكلي، يدخل كله منطقة ظل الارض. وفي الجزئي، يدخل جزء منه منطقة ظل الأرض... ويتحوّل لون القمر أحمر أو نحاسيا او برتقاليا خلال خسوفه الكامل، عندما تمر بعض من أشعة الشمس في الغلاف الجوي للأرض ليسقط على القمر، في وقت تتبعثر ألوان الطيف الأخرى او تتشتت. وتلعب هنا الكرة الأرضية دور العدسة، لينكسر الضوء البرتقالي الأحمر على سطح القمر. وبسبب هذا اللون الذي يكتسبه القمر خلال كسوفه الكامل، تطلق عليه تسمية القمر "الدامي" او "الدموي". ما يجب معرفته عن هذه الظاهرة الفلكية النادرة المتوقعة في 27 تموز 2018 هو الآتي: -هذا الخسوف القمري هو الثاني خلال 2018. وسيكون الاطول خلال القرن الحادي والعشرين، اذ يستمر الخسوف الكلي للقمر ساعة و43 دقيقة، او 103 دقائق، على ان يبقى الخسوف الجزئي مرئيا بالعين لنحو 4 ساعات، في حال كان الطقس صحوا. -يبدأ الخسوف الكلي للقمر ابتداء من الساعة 8:14 مساء الجمعة 27 تموز (توقيت بيروت). وذروته متوقعة الساعة 9:21 مساء. وينتهي الساعة 2,28 فجر السبت 28 تموز 2018. -الخسوف الكلي سيكون مرئيا في الشرق الاوسط والخليج العربي، واجزاء كبيرة من اوستراليا وأفريقيا وآسيا واوروبا واميركا الجنوبية. -المريخ سيكون قريبا جدا من القمر المخسوف في ذلك اليوم، بحيث يسهل رؤيته بالعين المجردة، اذا كانت الاحوال الجوية ملائمة لذلك. مزاعم دينية لم تتحقق! وفقا لوكالة الفضاء الاميركية (ناسا)، يشهد القرن الحادي والعشرين (2001-2100) 230 خسوفًا قمريًا، منها 85 كاملًا، و58 جزئيًا، و87 شبه ظل (يكون فيه القمر مضيئا في شكل خافت لوقوعه في منطقة شبه الظل الخاصة بالأرض). ومنذ توالي هذه الخسوفات القمرية، لم يُسجِّل العلماء وقوع زلازل او هزات ارضية بالتزامن معها، او نهاية العالم، وفقا لما تعالت كل مرة مزاعم او "تنبؤات" او توقعات دينية عن ارتباط ظاهرة قمر الدم بدمار او كارثة ستحل بالكرة الارضية. فعلى غرار "الشيخ الدرزي" في الفيديو، سبق ان سوّق قساوسة انجيليون أميركيون، ابرزهم الواعظ التلفزيوني جون هاغي، لاحداث خارقة رهيبة مرتبطة بما يُعرف ب"رباعية قمر الدم"، خلال 2014 و2015، بالاستناد الى آيات محددة في الكتاب المقدس. وقد انتهت الرباعية، ولم يتحقق اي شيء مما تكلم عليه هاغي ورفاقه، علما ان قراءتهم الدينية لا يوافق عليها اطلاقا علماء فقهاء في الكتاب المقدس من كنائس كثيرة اخرى، ويحذرون منها. وقد نشرت جريدة "النهار" تحقيقا عن هذا الموضوع في 8 ت1 2014. و على غرار "الشيخ الدرزي" ايضا، وجّه اخيرا القس الأميركي بول بيغلي تحذيرا لاعتقاده أن "قمر الدم" في 27 تموز علامة على انتهاء الزمن. وقال في فيديو على "يوتيوب": "نحن في عصر نهاية العالم. وهذا القمر الدموي الذي سيكون الاطول في هذا القرن، يحصل في السنة السبعين لقيام دولة إسرائيل. ويحصل في السنة السبعين التي اعلنت فيها القدس مدينة الله الأبدية، وايضا في وقت اطلق البركان في هاواي حممه". ردا على هذه المزاعم الدينية، يبقى الشرح العلمي هو الاقوى والاسلم، علما ان وكالة ال"ناسا" سبق أن عبّرت عن رفضها الكلي لهذه التنبؤات الدينية وسخريتها منها. "خسوف قمر الدم ليس إنذارا إلاهيا لنهاية العالم، بل مجرد نتيجة لميل مدار القمر حول الأرض وانحراف مدار الأرض حول الشمس" (14 ايلول 2015).