يبْدو أنَّ المُواجهة المفتوحة بين أطباء القطاع العام وبين وزارة الصحة لن تَضَعْ أوْزارها قريبا، خصوصاً بعد إعلان أصحاب "البذلة البيضاء" الاستمرَارَ في التَّصعيد ضد أنس الدكالي، وزير الصحة، بالعودة مجدداً إلى خوضِ سلسلة من الإضرابات الوطنية وشلِّ المرافق الصحية والمستشفيات المغربية، اليوم الثلاثاء ويوم غد الأربعاء، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات. وَسيَجدُ المغاربة أنفسهم اليوم الثلاثاء أمام مستشفيات فارغة في كل ربوع المملكة، بعدما قرَّرت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، في إطار استكمال برنامجها النضالي لشهر يونيو الجاري، شلَّ الحركة في كل المستشفيات العمومية بالمملكة. وتأتي هذه الخطوة التصعيدية، حسب النقابة سالفة الذكر، "في ظل استمرار مسلسل شد الحبل بين وزارة الصحة وأطباء القطاع العام، الذين لم يسجلوا أي تجاوب إيجابي من لدن الوزارة، ومن خلالها الحكومة المغربية، للتَّفاعل بجدية مع الملف المطلبي، ومعالجة مُسبّبات الاحتجاجات"، على حد تعبيرها. وقالت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام إنها "تجد نفسها اليوم مجبرة على اختيار الاستمرار في الاحتجاج، ما دامت مطالبها المشروعة لم يتحقق منها شيء منذ سنوات طوال"، معللة خطوتها هاته بالدفاع عن الملف المطلبي لفئة الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان بالقطاع العمومي، وعلى رأسها تخويل الرقم الاستدلالي |509| كاملاً بتعويضاته لكل الدرجات، كمدخل للمعادلة". ومقابل تأكيد الدكالي أن وزارته تعملُ على تعزيز الخدمات الصحية للمغاربة، أوردت النقابة أنه "نظراً لتردي الأوضاع في القطاع، خاصة في المستشفيات والمراكز الجامعية؛ فالمواطن غير راض على طريقة الاستقبال وطول المواعيد"، محملة في الوقت ذاته مسؤولية تلك الأوضاع إلى الوزارة الوصية على القطاع الصحي. وذكرت نقابة الأطباء، في بلاغ لها، بأن هذه الخطوة التصعيدية تأتي احتجاجا ضد وزارة الدكالي، مشيرة إلى أنه "سيتم مقاطعة جميع الأعمال الإدارية غير الطبية لثلاثة أشهر من فاتح يونيو الجاري إلى غاية 31 غشت المقبل، مع مقاطعة القوافل الطبية العشوائية أو ذات الشبهة السياسوية"، مشيرة إلى عزم الأطباء مقاطعة "التقارير الدورية، وسجلات المرتفقين، وكذا الإحصائيات باستثناء الإخطار بالأمراض الإجبارية، والشواهد الإدارية باستثناء شواهد الولادة والوفاة". المنتظر العلوي، الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، قال في تصريح لهسبريس إن "الملف المطلبي لأطباء القطاع العام مطروح منذ 20 سنة، ولم يتحرك صوب الاتجاه الإيجابي"، وزاد: "خلال كل هذه الفترات اتجهنا إلى الحوار مع وزارة الصحة، وكانت هناك اتصالات كثيرة للوصول إلى صيغة توافقية تنهي حالة الاحتقان؛ غير أن الحكومة لم تتخذ أي خطوة لحلِّ مشاكلنا". وشدَّد المسؤول النقابي، في التصريح ذاته، على أنه "لا شيء سيثنينا حتى تلبية مطالبنا"؛ وبينها تنظيم "تجهيزات التدخل في المستشفيات، التي تشْهدُ نقصاً فادحاً، ما ينعكسُ بشكلٍ خطيرٍ على حياة المواطنين". وحول دفع وزارة الصحة بكون إضرابات الأطباء غير مبررة، يرى المسؤول النقابي عكس ذلك، مردفا: "لن نتراجع وسنستمر في إضراباتنا إلى حين تحقيق مطالبنا".