تتميز الصناعة المالية الإسلامية عن نظيرتها التقليدية بوجود نظام رقابة شرعية يكفل سلامة معاملاتها من الناحية الشرعية، ويؤكد التزامها الشرعي بتطبيق أحكام الشرع الحنيف في جميع أنشطتها المالية والتجارية والاستثمارية. وسيرا على نهج وإرشادات الحوكمة الرقابية الشرعية الصادرة دوليا وإقليميا، فقد تميز النموذج المغربي بتوحيد المرجعية الشرعية على مستوى القطاع المالي التشاركي من خلال إنشاء هيئة شرعية مركزية للمالية التشاركية تابعة للمجلس العلمي الأعلى، مهمتها إبداء الرأي الشرعي بشأن العقود والمنتجات والأنشطة المتعلقة بالمنظومة التشاركية (البنوك التشاركية، التأمينات التكافلية، سوق الرساميل وأدواته...) وذلك بموجب الظهير رقم 1.15.02 الصادر بتاريخ 28 من ربيع الأول 1436. وبالموازاة مع ذلك، فقد أحدث المشرع المغربي وظيفة خاصة داخل الهيكل التنظيمي للأبناك والنوافذ التشاركية وكذا مؤسسات التأمين التكافلي المزمع إنشاؤها، تضطلع بمهمة التقيد بالآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى. هذا الركن الرقابي، الذي يقابله في الاصطلاح قسم التدقيق والالتزام الشرعي على مستوى باقي الدول الحاضنة لهذه الصناعة، يضطلع بمهام إدارية وتدقيقية وتعليمية حددها منشور بنك المغرب رقم 16/W/16الصادر بتاريخ 18 يوليوز 2016، وتتمثل في: - تدقيق أعمال مختلف إدارات المؤسسة والتعرف على المخاطر الشرعية المحتملة الوقوع بالنسبة لعملياتها وأنشطتها وضمان تتبع وتطبيق الآراء بالمطابقة التي يصدرها المجلس العلمي الاعلى والتقيد بها؛ - تدريب وتكوين الكوادر الوظيفية للمؤسسة حول فلسفة عمل البنوك التشاركية ومنتوجاتها؛ - الجواب عن استفسارات عملاء المؤسسة وأعوانها؛ - المساهمة في تطوير منتجات جديدة والمشاركة في إعداد نماذج العقود المتعلقة بها، وكذا الاطلاع على محتويات الحملات الإشهارية للتأكد من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية؛ - إعداد التقارير السنوية في شأن مطابقة عمليات وأنشطة المؤسسة لأحكام القسم الثالث من القانون البنكي وكذا الآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى. و تخضع وظيفة التقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى لسلطة جهاز تسيير المؤسسة الذي يضع رهن إشارتها الوسائل اللازمة لإتمام مهامها، بما يتناسب مع حجم نشاطها التشاركي. أما في ما يخص معايير الإتقان والكفاءة المهنية، فيشترط في فريق الوظيفة التمتع بمؤهلات علمية وخبرات مهنية وصفات سلوكية خاصة بموازاة مع مستوى عال من الكفاءة في مجال المالية التشاركية. إن ضمان جودة الأداء المهني والشرعي المتميز يكمن في أداء الوظيفة المذكورة لعملها بشكل صحيح بكل استقلالية وموضوعية والتزام دائم بالمتطلبات الشرعية والنظامية والقانونية الجاري بها العمل. وبموازاة مع عمل وظيفة التقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى داخل المؤسسات المالية التشاركية، فإن اعتماد التدقيق الشرعي الخارجي ذي الرأي الفني والشرعي المحايد كوظيفة موازية يشكل دعامة أساسية وصمام الأمان القائم على صيانة الشريعة في التطبيق وزيادة سلامة التنفيذ الشرعي للأعمال، ثم التقليل من المخاطر التي تجابهها المؤسسات المعنية؛ وهو ما سيكسبها سمعة شرعية طيبة، بإذن الله. *باحث في المالية الإسلامية