بين الثابت المرتبط بشعيرة الصوم وما يوازيها من عادات، والمتغير ذي الصلة بخصوصية ممارستها من بلد إلى آخر، تحرص الجاليات المسلمة في المغرب على جعل شهر رمضان المبارك مناسبة لإحياء طقوس تغتني، في كل مرة، بممارسات متأصلة وتلاقح ثقافي. كغيرها من الجاليات المسلمة المقيمة في المغرب، تحرص الجالية الإندونيسية على الحفاظ على عادات رمضانية متوارثة؛ منها ما ينهل من القيم الإسلامية المشتركة، ومنها ما يرتبط بثقافة وعادات محلية. عن رمضان بين المغرب وإندونيسيا، تقول نور سوينوريسني، الإندونيسية المقيمة بالمغرب، إن "عظمة هذا الشهر ومكانته الكبيرة لدى المسلمين كافة لا يختلف بشأنها اثنان، لكن ثمة طقوس تميز بلدا عن الآخر، تختلف في سبل الممارسة وليس الجوهر والمقاصد". نور، التي تقضي رمضان للمرة الثامنة في المغرب، أوضحت، في تصريح صحافي، أن "اختلاف العادات الخاصة بالشهر الفضيل لا يصدنا عن اكتشاف طقوس رمضانية متجذرة يكتسي من خلالها الشهر المبارك رونقا خاصا بالمغرب، لا سيما ما يتعلق بالمائدة الرمضانية والإقبال على اللباس التقليدي ومظاهر التضامن والتآزر". أما في إندونيسيا، أكبر بلد من حيث عدد المسلمين في العالم، فتستحضر المتحدثة بشيء من الحنين إشارات الإنذار قبل أذان الفجر "ليس إيذانا بدخول وقت السحور، كما هو الحال في المغرب، بل إعلانا عن اقتراب موعد الإمساك حوالي عشر دقائق قبل أذان الفجر، عوض ساعة ونصف الساعة قبل هذا الموعد في المغرب، حيث ينبه "المسحراتي" أو "النف ار" أو "الطب ال" إلى دخول وقت السحور. كما أن ساعات الصوم الإضافية تصل إلى نحو أربع ساعات مقارنة بإندونيسيا، حيث مدة الصوم ثابتة لا تتغير". ولفتت إلى أن رمضان يحتل مكانة خاصة لدى الإندونيسيين، ويعتبر حدثا مهما، تستغرق الاستعدادات لقدومه أسابيع طويلة، حيث تتزين الشوارع والمساجد والمآذن بالأعلام والفوانيس. أما مائدة رمضان فتتكون بحسب نور من وجبة إفطار "خفيفة وسريعة" قبل أداء صلاة المغرب جماعة، والعودة إلى استراحة خفيفة تسبق وجبة العشاء، ومن ثم صلاة التراويح، وهي تفاصيل "نحاول الحفاظ عليها وتكييفها مع ظروف إقامتنا في المهجر، قدر الإمكان". وتتزين المائدة الرمضانية الإندونيسية، تضيف نور، بتوليفة من الأطباق والمشروبات التقليدية؛ منها ما هو حصري في رمضان، ومنها ما يستهلك على مدار السنة. بخصوص هذه الأطباق والمشروبات، قالت إيلا شمسوري، مواطنة أندونيسية أخرى مقيمة بالمغرب، إن مائدة رمضان في إندونيسيا مكونة في الغالب من وجبتين رئيسيتين، هما الإفطار والعشاء، موضحة أن الإفطار وجبة خفيفة في العادة، عبارة عن تمر وحلويات مملحة وحساء بارد يسمى "كولاك" مكون من حليب جوز الهند والموز المطهو والبطاطا الحلوة والسكر الأحمر من جزيرة جاوى. أما وجبة العشاء، توضح إيلا في حديث مماثل، فتتألف من أطباق دسمة بعض الشيء، تفتتح بحساء ساخن مكون من بعض أصناف الخضر وقطع دجاج، ثم الأرز، المكون الأساسي في المائدة والمطبخ الإندونيسيين، إلى جانب أطباق شهيرة مثل "تيمبي" وهو عبارة عن دجاج مطهو على الطريقة الإندونيسية، أو "كاري" المكون من البيض المسلوق مرفوقا بالدجاج وصلصة الطماطم، و"الصويا" وهي شرائح خضر ودجاج مقلية، ثم رقائق الأرز المسماة "كروبو"، وصلصة الفلفل الأحمر. *و.م.ع