لم يتحقّق الوصول إلى توافق بين أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان حول أرضية مناقشة مشروع القانون الجنائي، كما كانوا يتمنّون، بعد تأجيل المناقشة لمدّة أسبوعين، بطلب من فريق الأصالة والمعاصرة، حيث ساد الخلاف حول الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع. عبد اللطيف وهبي، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عادَ ليعبّر عن موقفه الرافض للصيغة التي جاء بها تجريم الإثراء غير المشروع في مشروع القانون الجنائي. وذهب النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، خلال المناقشة العامة لمشروع القانون، الثلاثاء، إلى القول إن "أكبر إهانة هي أنّ النصّ يريد محاربة الإثراء غير المشروع بهذا الشكل". وفي ردّ ضمني على تصريحات سابقة لمصطفى الرميد، وزير الدولة في حقوق الإنسان، الذي أُعدّ مشروع القانون الجنائي حين كان وزيرا للعدل والحريات، عزا فيها سبب تأخر مناقشة المشروع إلى "وجود أطراف تريد إسقاط الفصل المجرّم للإثراء غير المشروع"، قال وهبي: "نحن نرفض هذا المنطق، الذي يُحيل على أشخاص نزهاء يحاربون الفساد وآخرين يدافعون عنه". وطالب وهبي بأنْ يُترك أمر محاربة الإثراء غير المشروع للمجلس الأعلى للحسابات، باعتباره الجهة التي تتلقى التصريحات المتعلقة بالممتلكات، والمخوّل لها إحالة المتابعة على النيابة العامة، حسب وهبي. وبدا، من خلال تدخلات أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أنَّ حزب الأصالة والمعاصرة وحده الذي يعارض الفصل المتعلق بمحاربة الإثراء غير المشروع بشكل واضح؛ بينما حاول الحزب الثاني في المعارضة، حزب الاستقلال، إمساك العصا من الوسط، دون أن يُبدي معارضة واضحة للفصل سالف الذكر. عمر عباسي، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي، قال إنّ مواجهة الفساد تقتضي توفّر الإرادة السياسية ونشر ثقافة الشفافية في المجتمع وإرساء أسس الديمقراطية الحقيقية، "وما دام هناك عجز في الديمقراطية سيستمرّ الفساد في التغوّل في مفاصل المجتمع"، حسب تعبيره. في المقابل، ثمّنت مجموعة التقدم والاشتراكية تجريم الإثراء غير المشروع في مشروع القانون الجنائي. وفي هذا الصدد، قالت فاطمة الزهراء برصات، النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، إن "تجريم الإثراء غير المشروع سيسهم في محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة؛ لكن يجب الحرص على تحقيق الغايات والأهداف من وراء هذا التجريم في إطار احترام القانون". الموقف نفسه عبّر عنه نواب حزب العدالة والتنمية، حيث قال سليمان العمراني: "مبدئيا لا اعتراض على تجريم الإثراء غير المشروع، ولكن لا يجب استغلال هذا التجريم لتصفية حسابات"، داعيا إلى إخضاع الفصل لتدقيق أكثر، بينما دعا نائب آخرُ من الحزب نفسه إلى توسيع دائرة المُلزمين بالتصريح بالممتلكات "وإثبات ما يتمّ التصريح به بالوثائق وليس فقط بالكلام، حتّى تكون التصريحات ذاتَ مصداقية".