من القواعد التي يحتفظ بها في الصحراء السورية وفروعه في الكثير من الدول والإيحاء لأنصاره بالتحرك في هجمات معزولة، يرى خبراء أن تنظيم "الدولة الإسلامية" ما زال يشكل تهديدا يجب عدم الاستهانة به. وكانت استعادة تحالف من 71 بلدا في 2017 الجزء الأكبر من الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في سورياوالعراق، دفع إلى الاعتقاد بأن الخطر استبعد وأن الجماعة الجهادية ستمحى من على وجه الأرض. لكن انطونيا وارد، من المجموعة الفكرية الأميركية "راند كورب"، ترى أنه "كما أثبت نموذج (تنظيم) القاعدة، الجماعات الإرهابية تتمتع بتصميم كبير وقدرة هائلة على التكيف، وإن شهدت فترات تراجع". وأضافت أن "إساءة تقدير قوتهم أمر خطير على الغرب". وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، دانا وايت، الشهر الماضي، "قلنا دائما إن مهمتنا في سوريا هي دحر تنظيم الدولة الإسلامية. نكاد نحقق ذلك، لكننا لم ننجزه بعد". ومن الواحات والقواعد التي يسيطر عليها في شمال غرب سوريا المنطقة المحاذية للعراق، أثبت جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية أنهم ما زالوا قادرين على شن هجمات منسقة؛ إذ قتل 26 من أفراد القوات الحكومية السورية في واحدة من هجماتهم. وقال جان بيار فيليو، أستاذ العلوم السياسية في باريس، لوكالة "فرانس برس"، إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية نقلوا إلى منطقة البادية السورية هذه، "بعد إجلائهم مؤخرا من ضاحية دمشق بموافقة نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد". وأضاف أن "انهيار ما يسمى بخلافة داعش تحت ضربات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة لم يسمح بتسوية أي من المشاكل التي سمحت لأبي بكر البغدادي بالاستيلاء على الرقة في 2013، وعلى الموصل في 2014". مبايعة قال فيليو إن "السكان السنة الذين يشكلون أقلية في العراق وأكثرية في سوريا ما زالوا محرومين من التمثيل السياسي، ليس على المستوى الوطني فحسب، بل على المستوى الإقليمي مع سيطرة الشيعة في العراق والأكراد في سوريا على المناطق (المحررة)"، وعبر عن مخاوفه من أن تؤدي الأسباب نفسها إلى النتائج نفسها لكن تحت مسمى آخر في العراق في السنوات المقبلة. وأبو بكر البغدادي الذي أعلن موته مرات عدة، ما زال على قيد الحياة وأصيب على الأرجح بجروح في غارة جوية ويختبئ في مستشفى ميداني في الصحراء بشمال سوريا، كما قال مسؤول في وزارة الداخلية العراقية في فبراير الماضي. والبغدادي ظهر مرة واحدة أمام الكاميرات، لكنه تحدث باستمرار عبر تسجيلات صوتية يدعو فيها أنصاره إلى مواصلة العمل. ويعود آخر خطاب له إلى 28 سبتمبر 2017، قبل أسبوعين من سقوط الرقة. وهذه الدعوات مثل تلك التي يطلقها صانعو الدعاية الإعلامية للتنظم ولا شيء يحرمها على ما يبدو من الانتشار عبر الإنترنت على الرغم من تعبئة الشرطة وأجهزة الاستخبارات في العالم، يسمعها الجهاديون المؤيدون له الذين يتحركون للقيام بأعمال انتحارية، خارج كل بنى التنظيم وبدون الاتصال معه. فقبل أن يخرج في 12 مايو إلى أحد شوارع باريس ويقوم بطعن مارة، سجل الفرنسي من أصل شيشاني فيديو بايع فيه "خليفة الدولة الاسلامية". وفي اليوم التالي نشر التسجيل على تطبيق "تلغرام". وقالت انطونيا وارد: "نظرا لعدد المؤيدين المستقلين والخلايا الصغيرة التي يحتفظ فيها التنظيم، وكذلك قدرته على تنفيذ هجمات مدمرة بموارد محدودة وقليل من التدريب، يجب على الحكومات الغربية ألا ترى أن تدمير قيادته ومواردها يعني نهاية هذه المجموعة الإرهابية". وأشار جان بيان فيليو إلى الفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، "الذي يواصل إفشال كل الحملات التي يطلقها ضده نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي". وأضاف: "في جنوب ليبيا وفي (منطقة) الساحل وفي أفغانستان، ينتشر أنصار البغدادي في مناطق محيطة بالمراكز ويرسخون نفوذهم مستفيدين من النزاعات المحلية". * أ.ف.ب