بعد جولة أولى لم تفض إلى أي توافق بسبب تباين الآراء حول كيفية ملاءمة مضامين قرار محكمة العدل الأوروبية، الذي استثنى الأقاليم الجنوبية من الاتفاق البحري، وبعد أن أكد المغرب أنه لن يوقِّع أي اتفاق دولي يمسُّ بالسيادة الوطنية، بما في ذلك اتفاق الصيد البحري مع الأوروبيين، من المرتقب أن تنطلق جولة جديدة من مفاوضات تجديد بروتوكول الصيد البحري الذي ينتهي في 14 يوليوز المقبل، ابتداء من الأسبوع المقبل. ويدخل الوفد المغربي، إلى جانب الأوروبيين، الجولة الثانية بعدما تم عرض ومدارسة الشروط التفاوضية التي يقدمها كل طرف خلال الجولة الأولى من المفاوضات، التي كانت مناسبة للاستماع والتشاور حول العروض المقدمة، ولم يتوصل أطراف الاتفاق إلى أي صيغة توافقية بخصوص كيفية التعاطي مع ملاءمة تجديد الاتفاقية مع مضامين القرار الأخير لمحكمة العدل الأوروبية. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، إن "مفاوضات الصيد البحري تمرُّ في ظروف إيجابية وعادية"، معتبرا أن الجولة الأولى كانت "استكشافية" فقط، ولم تقف عند المسائل السياسية والتقنية وما يجب أن يتضمَّنه البروتوكول، قبل أن يؤكد أن "اتفاقية الصيد التي ستمسُّ وحدتنا لن تكون، ولا يمكن أن نوقّع أي اتفاق مع الأوروبيين خارج السيادة على الأقاليم الجنوبية". وأضاف المسؤول الحكومي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي غير قابلة للتجزئة، سواء في الجانب المتعلق باتفاق الصيد أو في مسائل أخرى، لأن هذه الشراكة تهمُّ أيضاً قضايا الهجرة والإرهاب"، مشرا إلى أنه "من المرتقب أن تنطلق الجولة الثانية من المفاوضات الأسبوع المقبل من أجل التقدم أكثر في الملف". وفي سياق آخر، قال الوزير ذاته إن "علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي تمرُّ بمرحلة فتور منذ أزيد من ثلاث سنوات"، قبل أن يشير إلى أن "اتفاق الصيد يمرّ في ظرف عاد، والأمور مزيانة"، على حد تعبيره. وتواصل جبهة "البوليساريو" استنفار الموالين لها في دول الاتحاد الأوروبي للدخول كطرف في هذا الاتفاق؛ إذ نقلت بعض المواقع المقربة منها تصريحات لسفين اريك بوشت، وزير الشؤون الريفية في حكومة السويد، قال فيها إن "الجبهة باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، تجب استشارتها حول كل اتفاق للصيد البحري قد يشمل المياه الإقليمية للصحراء الغربية"، على حد تعبيره. وجاء ذلك في رده على سؤال كتابي وجهه النائب في البرلمان السويدي عن حزب "ديمقراطيو السويد"، بيورن سودير، إلى وزيرة الاتحاد الأوروبي والتجارة، طالب فيه بتوضيحات حول التفويض الذي منحه مجلس أوروبا يوم 16 أبريل الماضي لمفوضية الاتحاد للشروع في التفاوض مع المغرب حول تجديد اتفاق الصيد البحري، وموقف السويد من ذلك. عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، يرى أن "المغرب يجب أن يكون موقفه واضحاً وصارماً وألا يقدّم أي تنازلات للأوروبيين، حتى على مستوى المفردات التي ستستعمل خلال الجولة الثانية من المفاوضات، لأن خريطة المغرب معروفة ويجب أن تُحترم". وتابع التهامي في تصريح لهسبريس قائلا: "إذا كان هناك أي تنازل فستكون له تبعات يتحمل مسؤوليتها الوفد المغربي، لأن المستفيد رقم واحد من تجديد البرتوكول هم الأوروبيون؛ ولذلك يجب أن تلعب اللوبيات التي تدافع عن الطرح المغربي دورها، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية التي تضغط لتسريع وتيرة المفاوضات"، مشيرا إلى أن "الاسبان لوحدهم يغطون 120 سفينة تبحر في السواحل المغربية، كما أن قطاع الصيد في إسبانيا يشغل أزيد من 40 ألف إسباني بشكل مباشر وغير مباشر في قطاع الصيد بالمغرب". وأكمل الخبير الاقتصادي ذاته مبرزا أن "قرار محكمة العدل الأوروبية يلزم بالدرجة الأولى المفوضية، ولا يلزم المغرب في شيء"، معتبرا أن "ما يلزم المغرب هو التوجه الذي عبّرت عنه أعلى سلطة في البلاد المتعلق بالحفاظ على الوحدة الترابية". وختم الأستاذ الجامعي تصريحه بالوقوف عند عائدات اتفاقية الصيد التي سيجنيها المغرب إذا تم التوافق على صيغة موحدة مع الأوروبيين، موردا أن "هذا البروتوكول سيمكن المغرب من تطوير قطاع الصيد البحري من خلال شراء بواخر صيد حديثة وتجهيز الموانئ وتقديم مساعدات للصيادين للاستثمار في القطاع"، مضيفا أن "بعض بنود الاتفاقية تفرض على دول الاتحاد الأوروبي إدخال قيمة مضافة على قطاع الصيد في المغرب، والقطاع الخاص المغربي سيستفيد من هذه البنود من أجل الدخول في شراكات مع الشركات الأوروبية".