يستحيل أن تجد حاكما عربيا يبتسم في وجه شعبه عندما يخطب على شاشة التلفزيون . محمد السادس وعبد العزيز بوتفليقة وزين العابدين بنعلي ومعمر القذافي وحسني مبارك والملك عبد الله ديال السعودية وديال الأردن حتى هو وغيرهم من قادة الدول العربية الذين يحكمون بلدانهم بقبضة من الفولاذ لا تعرف الابتسامة إلى وجوههم سبيلا ، يبتسمون فقط عندما يكونون في حضرة السيد جورج بوش في البيت البيض أو عند نيكولا ساركوزي داخل قصر الاليزيه ، حيت واقيلا كايخافو منهم ! "" عندما يريد حاكم عربي أن يلقي خطابا يجمع كل عبوس الدنيا بين حاجبيه العريضين حتى يتجهم وجهه ويصبح مثل عام خمسة وأربعين الذي ذاق فيه المغاربة الجوع والقحط بسبب الجفاف . زعما باش الناس تخاف وتكول والله يلا هاد السيد كايهضر بالمعقول ! ورغم كل الكره الذي أكنه للسياسة المتعجرفة التي يتعامل بها الرئيس جورج بوش مع دول العالم الضعيفة إلا أنني من المعجبين بعفويته وتلقائيته . السيد مللي كايخطب فالشعب يفعل ذلك بتلقائية وابتسامة عريضة لا تفارق وجهه ، وعندما يكون في ندوة صحفية يتعامل مع الصحافيين بكل تلقائية بعيدا عن التصنع ، علما أنه يعقد ندواته الصحفية في أي مكان ، داخل حديقة البيت الأبيض وفي مدرج المطار وحتى على ظهر سفينة حربية . القادة العرب لا يعرفون شيئا اسمه الندوة الصحفية ، لأنهم بكل بساطة يعتبرون الصحافة عدوهم اللدود ، وحتى إذا قبل أحدهم بإجراء حوار مع جريدة مشهورة أو قناة تلفزيونية كبيرة يكون ذلك مسبوقا بالبروتوكول الثقيل الذي يبدو أن هؤلاء الزعماء الذين لا يزعمون على شيء لا يستطيعون الاستغناء عنه ولو للحظة واحدة ، وربما يظل لصيقا بهم حتى عندما يدخلون إلى المرحاض ! إنهم مصابون بمرض مزمن اسمه عشق البر وتوكل . الابتسامة التي لا تفارق وجه بوش عندما يقف أمام الميكروفون للإجابة عن أسئلة الصحافيين والصحافيات أو لمخاطبة الأمريكيين واخا فيها شوية ديال المكر الثعلبي ، إلا أنها تبقى أفضل بكثير من العبوس والتجهم الذي يزين به الحكام العرب تلك المساحة الفاصلة بين حواجبهم كلما أرادوا أن يوجهوا كلمة تافهة إلى شعوبهم الوفية ، وطبعا لا يجب علينا أن ننسى أن عبوس وتجهم حكامنا عامر حتى هو بالمكر والخداع وبزاف ديال القوالب حتى هوما ! ماشي القوالب ديال السكر ، ولكن القوالب اللي على بالكم . هؤلاء الحكام المساكين يعتقدون أننا سنخاف منهم بمجرد أن يخرجوا فينا أعينهم الجاحظة . وصراحة أنا أتأسف لحالهم كثيرا ، لأنهم باقي كايفهمونا غلط . وبسبب هذه الشخصية المصطنعة التي يتقمصها هؤلاء الحكام المستبدون فقد أصبحت ملامحهم غريبة بالفعل ، وعندما يبتسمون في بعض اللحظات النادرة تكون ابتسامتهم باهتة وبلا معنى ، بينما التجهم الذي يكسو وجوههم السمينة لم يعد يخيف حتى الأطفال الصغار . المسخ هو هادا !