انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر منظمة حقوقية، استمرار محاكم المملكة في إصدار أحكام الإعدام رغم تجدد المطالب بإلغاء هذه العقوبة التي تثير سجالاً في كل مناسبة بين الرافضين لها والداعين إلى الإبقاء عليها في حالات خاصة. وقالت الجمعية ذاتها، في بيان صادر عن مكتبها المركزي، إنها "تستنكر تصريح رئيس النيابة العامة وتأكيده على مواصلة الدولة العمل بعقوبة الإعدام، واستمرار المحاكم المغربية في إصدار أحكام بالإعدام"، وأشارت إلى أن ثلاث محاكم أصدرت في الأشهر الماضية أحكاماً بالإعدام. يتعلق الأمر، حسب الجمعية، بحكم صدر عن غرفة الجنايات الابتدائية بالناظور، شهر شتنبر الماضي، إضافة إلى حكم آخر صدر عن غرفة الجنايات الابتدائية بمدينة الدارالبيضاء يوم 15 يناير 2018، ثم استئنافية مدينة الرباط التي أصدرت حكماً بالإعدام في 28 فبراير 2018. واعتبرت الجمعية أن هذه الأحكام "تأتي ضداً على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وانتظارات الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية الساعية إلى إلغاء هذه العقوبة القاسية وغير الإنسانية، وتشكل تراجعاً عن التزامات سبق للدولة المغربية أن قدمتها". أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قال في تصريح لهسبريس إن استمرار صدور هذه الأحكام يسائل الالتزام الذي سبق أن عبر عنه المغرب سنة 2008 حين قدم ترشيحه لمجلس حقوق الإنسان، وقال إن هناك "انقلاباً على الالتزام الذي تم التعهد به بخصوص إلغاء هذه العقوبة". وأضاف الهايج، في تصريح لهسبريس، أن القول بكون موضوع إلغاء عقوبة الإعدام لا يحظى بإجماع وطني كلام يستخدم من أجل عرقلة التزام ما، وزاد: "المغرب حين يقرر الانضمام إلى اتفاقية دولية لا يستحضر هذا الإجماع أو غيابه". واعتبر الهايج أن استمرار المحاكم في إصدار أحكام الإعدام هو "تراجع وإخلال بالوضع الذي يجب أن يكون عليه المغرب كبلد يقدم نفسه استثناء في المنطقة، كما أنه مؤشر سلبي من طرف السلطات"، وأكد أن جمعيته ستستمر في المطالبة بإلغاء العقوبة باعتبارها غير إنسانية ومن مخلفات الماضي. ومنذ سنة 1993 قرر المغرب عدم تنفيذ أحكام الإعدام، لكن دون المصادقة على إلغائها. ويبلغ عدد المحكومين بالإعدام في سجون المملكة، حسب تقارير الجمعيات، حوالي مائة، منهم بضع نساء؛ وتقول الجمعيات الحقوقية إنهم يعانون من وضعية نفسية صعبة. وتطالب المنظمات الحقوقية الدولة المغربية بالانخراط في البرتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والمصادقة والتصويت على القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذها، لكن هذا الموضوع يثير جدلاً كبيراً بين المؤيدين والمعارضين. ويستند المطالبون بإلغاء هذه العقوبة إلى هيئة الإنصاف والمصالحة التي شددت في تقريرها الختامي على ضرورة التوجه نحو إلغاء العقوبة، كما يعتبرون أنها تنتهك اثنين من حقوق الإنسان الأساسية، وهما الحق في الحياة والحق في العيش دون التعرض للتعذيب. مقابل ذلك، تطالب فئة أخرى من المغاربة بالإبقاء على العقوبة وتطبيقها، خصوصاً في بعض الجرائم، ومنها الاغتصاب ضد الأطفال والقتل العمد والجرائم الكبيرة.