يظهر الرئيس نيكولاس مادورو (55 عاما) في أشرطة فيديو يبثها وهو يقود سيارته رباعية الدفع كما يقود فنزويلا في خضم الفوضى، وقد بدا عليه الهدوء مع حضور للنكتة ونظرة ماكرة. يمسك هذا الرجل عادي المظهر، سائق الحافلات السابق الذي كان موضع سخرية في بداياته السياسية، بحزم منذ 2013، مقاليد الحكم في هذا البلد الذي يملك ثروة نفطية كبيرة. وقال المحلل بواشنطن مايكل شيفر: "لقد تم التقليل من شأنه، وبعضهم نعاه سياسيا منذ أن أصبح رئيسا". ورغم تعدد المظاهرات وشبه إفلاس البلاد وتدهور شعبيته، فلا شيء، كما يبدو، يهز سلطة هذا الرجل الذي يبلغ طوله مترا و95 سم، والذي لا يملك جاذبية سلفه الراحل هوغو تشافيز ولا فصاحته. وقال فيليكس ساياس، مدير معهد ديلفوس للاستطلاعات، إن مادورو "ماهر جدا في تحقيق التوازنات، ونجح في تقسيم السلطة داخل التيار التشافيزي"؛ ما أكسبه "سلطة لفرض ترشحه" للانتخابات الرئاسية، مضيفا أن مادورو يملك نوعا من الجرأة السياسية. وبعد أن رشحه الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم الجمعة رسميا للانتخابات الرئاسية، فمن المتوقع أن يحكم نيكولاس مادورو في حال فوزه فنزويلا حتى 2025. وحين لا يكون في جولة ميدانية في العاصمة، يظهر مادورو صباحا عبر قناته على "يوتيوب" وبيده كأس شاي جلبته زوجته سيليا فلوريس، وهو يخاطب الفنزويليين. وقال ساياس إن "سلطته مصدرها تشافيز (لكن) الآن نحن إزاء مادورو مختلف يدرك أنه أقوى وهو أكثر شراسة". ومع ظهور يومي وخطابات مطولة وتصريحات مناهضة للإمبريالية، يشبه مادورو كثيرا سلفه ومرشده تشافيز الذي كان حكم فنزويلا بين 1999 و2013. وكان رافايل راميريز، المقرب من تشافيز، خاطب مادورو بعد أن أقاله في دجنبر 2017 من منصب سفير في الأممالمتحدة بتهمة الفساد، قائلا: "لقد أفرطت في استغلال اسم تشافيز وصورته، أنت تحاول أن تشبهه (لكن) لا يمكنك". وراميريز، الذي رأى فيه البعض منافسا محتملا لمادورو، في حالة فرار حاليا. رئيس عامل لكن مادورو يحسن صورته، وهو يصف نفسه بأنه "رئيس عامل"، ويقود سيارته رباعية الدفع ويسخر من لكنته حين يتحدث بالإنكليزية ويرقص السالسا، وهو لا يكاد يغيب عن وسائل التواصل الاجتماعي. وقال عنه مسؤول في القطاع الخاص كان على اتصال به حين كان وزيرا للخارجية: "يملك أسلوبا بسيطا. وهو لا يفقد حسه الفكاهي حتى عندما تغرق البلاد. إنه خطيب جيد، لكنه ليس تشافيز". ويقول بعض أنصار تشافيز: "مادورو ليس تشافيز"، معتبرين أن مشروع زعيمهم الاشتراكي ينهار بين أيدي مادورو. وتولى مادورو منذ 2006 وزارة الخارجية في عهد هوغو تشافيز الذي عينه نائبا للرئيس في أعقاب فوزه في الانتخابات الرئاسية في 7 أكتوبر 2012، ثم أصبح رئيسا بالوكالة عند وفاة تشافيز. وقبل ذلك كان مادورو، القيادي السابق في نقابة مترو كراكاس، تولى لفترة قصيرة رئاسة الجمعية الوطنية (2005-2006). وفي 1998 فاز بأول ولاية له كنائب تحت راية حركة الجمهورية الخامسة التي أسسها تشافيز الذي وصل إلى السلطة في العام ذاته. وكان الرجلان التقيا أيضا في صلب الحركة الثورية البوليفارية-200 التي أسسها تشافيز أيضا، وقاد وهو يرأسها انقلابا فاشلا ضد الرئيس كارلوس اندرياس بيريز في 1992. ونشأ مادورو في حي للطبقة الوسطى بكراكاس حيث ناضل في الثانوية، وكان عازف قيثار في فرقة روك في مراهقته، وأمضى سنة في دراسة العلوم السياسية في كوبا. مادورو متزوج من سيليا فلوريس، وهي من وجوه الحركة التشافية أيضا مدعية عامة سابقة للجمهورية، وله ابن من علاقة سابقة. *أ.ف.ب