بعد أقل من أسبوع على مصادقة مجلس النواب الشيلي على ملتمس لرئاسة الجمهورية يطالبها فيه بالتزام الشيلي بالدعم الدائم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، صادق يوم الثلاثاء الماضي مجلس الشيوخ الذي يعدّ الغرفة الأولى بالشيلي على قرار آخر يدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء. وبمقتضى هذا القرار، الذي يشكل تكريسا جديدا للتحول غير المسبوق في موقف مجلسي البرلمان الشيلي إزاء قضية الوحدة الترابية للمغرب، دعا أعضاء مجلس الشيوخ الحكومة الشيلية، بوصفها عضوا في الأممالمتحدة، إلى دعم والالتزام بشكل دائم لفائدة قرار مجلس الأمن رقم 1754، الذي تم اعتماده في 30 أبريل 2007. وأشاد مجلس الشيوخ الشيلي بإيجابية مبادرة الحكم الذاتي للصحراء التي تقدم بها المغرب، وهي المبادرة التي يصفها قرار مجلس الشيوخ بكونها حظيت أيضا بإشادة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي باعتبارها مبادرة جدية وذات مصداقية من أجل تسوية نهائية لهذا النزاع الإقليمي. وقد شهدت العلاقات البرلمانية بين البلدين دينامية جديدة؛ فبعد تعيين كنزة الغالي، البرلمانية السابقة سفيرة للمغرب بجمهورية الشيلي، تميزت السنة الماضية بزيارة وفدين برلمانيين مغربيين برئاسة رئيس مجلس المستشارين عبد الحكيم بنشماش في يناير ويوليوز 2017 إلى الشيلي. الزيارتان تخللتهما لقاءات مع مسؤولين حكوميين في مختلف القطاعات، وتوجت أيضا باستقبال لرئيسة الشيلي الاشتراكية ميشيل باشليت؛ لكنها تميزت أيضا بتوقيع اتفاقيتي تفاهم لمجلس المستشارين مع مكونات مجلسي البرلمان الشيلي، آخرها كان في يوليوز 2017 والتي وقعها بنشماش ورئيس مجلس الشيوخ الشيلي أندريس زالديفار. ونصت الاتفاقية على إحداث آليات للتعاون والتشاور، وعقد مشاورات منتظمة، ثابتة وبناءة بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، خدمة للمصالح العليا للبلدين. كما أكدت مذكرة التفاهم إرساء قنوات التواصل والتفاعل البرلماني من خلال تبادل الزيارات والخبرات والتجارب والمعلومات والوثائق بين المجلسين وكذا تنسيق الجهود والمواقف وتوحيد الرؤى على مستوى الهيئات البرلمانية والحكومية الجهوية والقارية والدولية، وتحقيق التضامن والدعم المتبادل داخل هذه الهيئات. وكان عبد الحكيم بنشماش، رئيس الغرفة الثانية، قد أكد، في كلمته خلال حفل التوقيع، أن مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها بالمناسبة بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ الشيلي تتوج، من جهة، مسار البناء المتدرج للعلاقات بين البرلمانين المغربي والشيلي بشكل عام، وتضع، من ناحية أخرى، أساسا لتعاون متين سيتم ترجمته من خلال مشاريع وأوراش عمل متعددة، منها ما هو مرتبط بتقاسم الخبرات بين المجلسين وتقوية التعاون الثنائي وأيضا التعاون متعدد الأطراف؛ وهو ما من شأنه أن "ينقل العلاقات بين البلدين من علاقات جيدة قائمة على أساس الاحترام المتبادل والاستلهام من منظومة القيم المشتركة إلى مستوى جديد نطمح إلى أن يرتقي بالعلاقات المغربية الشيلية إلى مستوى شراكة نموذجية". ومن جهته، أكد رئيس مجلس الشيوخ الشيلي، بالمناسبة ذاتها، أن المغرب انخرط، بفضل الرؤية الملكية، في مسلسل ديمقراطي على قدر كبير من الأهمية، واختارت المملكة أن تسير في الاتجاه الصحيح من خلال إطلاق العديد من الإصلاحات همت مختلف المجالات. وفي السياق ذاته، شدد زالديفار على أن من شأن توقيع مذكرة للتفاهم بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ الشيلي أن يدفع برلمانيي البلدين إلى العمل سويا بخصوص القضايا ذات الاهتمام المشترك من أجل تعزيز أكبر لمختلف أوجه التعاون، معتبرا أن المذكرة تشكل لبنة أخرى لمواصلة تعزيز الروابط التاريخية بين المغرب والشيلي وهي روابط أبانت على أن البلدين يعملان على توطيد تعاونهما سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف. وتميز حفل التوقيع على مذكرة التفاهم، الذي جرى في 17 يوليوز 2017 بمقر مجلس الشيوخ الشيلي، بحضور سفيرة المغرب بسانتياغو كنزة الغالي، والوفد البرلماني المرافق لرئيس مجلس المستشارين والذي ضم كلا من عبد القادر سلامة الخليفة الرابع لرئيس المجلس وأحمد لخريف أمين المجلس وممثله الدائم لدى برلمان أمريكا الوسطى وثورية لحرش منسقة مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين.