وفق مقاربة سينمائية تاريخية، ينكب المخرج المغربي محمد اليونسي على وضع لمساته الأخيرة على فيلمه الجديد "دقّات قدر"، الذي يوثّق معاناة أهل الريف مع الغازات السّامة التي خلفتها حروب المستعمر الإسباني في المنطقة. واستوحى المخرج المغربي فيلمه، الذي حظي بدعم المركز السينمائي المغربي، من روايته "السمفونية الخامسة"، التي تم تحويلها إلى سيناريو، فيما تعود فكرة الفيلم إلى الممثلة المغربية يسرى طارق التي جسّدت إحدى أداوره البطولية. يسرى قالت في حديث لهسبريس: "الفيلم يسلط الضوء على الحقبة التاريخية بين 1921 و1926، أثناء اندلاع حرب الريف حيث قذفت السلطات الإسبانية المنطقة بالغازات السّامة، والدور الذي لعبته المقاومة المغربية آنذاك بقيادة عبد الكريم الخطابي في صدّ المستعمر". وتابعت الممثلة المغربية، التي جسّدت سابقا إحدى الأدوار المهمة في الفيلم السّابق للمخرج اليونسي "الوشاح الأحمر"، قائلة: "المخرج اختار لنفسه تيمة خاصة به، وهي العمل على الأفلام التاريخية، لأنّه مؤمن بالعلاقة التكاملية بين السينما والتاريخ، باعتبارها ذاكرة سمعية بصرية تصالح الأجيال الصاعدة مع تاريخهم، وتحررهم من سطو الحرف والكلمة"، مؤكدة في هذا السياق أنّ "فيلم دقّات قدر ليس ذاكرة جغرافية فقط مرتبطة بالريف، بل ذاكرة مغربية وإرث لجميع المغاربة". فكرة كتابة يسرى طارق لفيلم يحكي معاناة المدنيين في الريف مع الغازات الإسبانية المدمرة لم تكن وليدة لحظة فقط، لكن انتماء يسرى إلى جبال الريف وتكوينها الإعلامي جعلاها تضع الموضوع ضمن أولى اهتماماتها، مبرزة أنها تؤدي في فيلم "دقات القدر" دور زوجة أحد المقاومين في فترة اندلاع شرارة حرب الريف، بقيادة المجاهد عبد الكريم الخطابي، التي تحاول التمرد على بعض التقاليد والأفكار التي تثقل كاهل المرأة والمجتمع، وتقنع زوجها بالتحرر من عقدة المجتمع وفتح قلبه للحب والسلام وقبول الآخر. وأوضحت الممثلة المغربية أنّ الدور الذي تجسده دور مركب تطلّب منها حلق شعرها، وعلّقت على ذلك بالقول: "العمل سيسلط الضوء على قضية وطنية تقرب الشباب من تاريخ بلده، وهذا الاختيار لم يكن مجانيا، بل تطلبه الحسّ الجمالي والفكري للدور الذي أجسده بالفيلم"، واسترسلت: "كان بإمكاني اللجوء إلى الخدع السينمائية، لكن أؤمن بأن الممثل كلّما ضحى من أجل تبليغ رسالة معينة، ستصل إلى المتلقي دون شك". يشار إلى أنّ الفيلم يجسد شخصياته إلى جانب الممثلة يسرى طارق، كل من محمد الشوبي، عبد الله شاكيري، عبد اللطيف شوقي، رفيق بوبكر، والممثلة الجزائرية بهية راشدي، إلى جانب ممثلين إسبان.