عندما شاهدت فيلم “ايادي خشنة” (2011) للمخرج محمد العسلي. ذكرني وفق مقاربة سينمائية تاريخية، يوثق فيلم “دقات قدر”، للمخرج محمد اليونسي، المآسي التي خلفتها حين ألقت السلطات الاستعمارية الإسبانية قنابل من الغازات السامة على المنطقة. ويميط الفيلم التاريخي الذي يستعد لدخول القاعات السينمائية، بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات على حصوله على دعم المركز السينمائي المغربي، اللثام عن أحداث بصمت ذاكرة الريف خلال الفترة ما بين 1921 و1926، حيث قذف الجيش الإسباني المنطقة بالغازات السّامة، ويبرز الدور الذي لعبته المقاومة المغربية آنذاك بقيادة عبد الكريم الخطابي في صدّ المستعمر، ويسلط الضوء على عادات وتقاليد السكان في علاقتها مع الإسلام. وتألقت في الفيلم الممثلة يسرى طارق، التي تجسد إحدى الشخصيات الرئيسية، والتي قالت في تصريح لها إن “المخرج اختار لنفسه تيمة خاصة به، وهي العمل على الأفلام التاريخية، لأنّه مؤمن بالعلاقة التكاملية بين السينما والتاريخ، باعتبارها ذاكرة سمعية بصرية تصالح الأجيال الصاعدة مع تاريخهم، وتحررهم من سطو الحرف والكلمة”، مضيفة أنّ “فيلم دقّات قدر ليس ذاكرة جغرافية فقط مرتبطة بالريف، بل ذاكرة مغربية وإرث لجميع المغاربة”. ولعبت طارق دور زوجة أحد المقاومين في فترة اندلاع شرارة حرب الريف، بقيادة المجاهد عبد الكريم الخطابي، التي تحاول التمرد على بعض التقاليد والأفكار التي تثقل كاهل المرأة والمجتمع، وتقنع زوجها بالتحرر من عقدة المجتمع وفتح قلبه للحب والسلام وقبول الآخر. وأوضحت يسرى أنّ الدور الذي تجسده دور مركب تطلّب منها حلق شعرها، وعلّقت على ذلك بالقول: “العمل سيسلط الضوء على قضية وطنية تقرب الشباب من تاريخ بلده، وهذا الاختيار لم يكن مجانيا، بل تطلبه الحسّ الجمالي والفكري للدور الذي أجسده بالفيلم”، واسترسلت: “كان بإمكاني اللجوء إلى الخدع السينمائية، لكن أؤمن بأن الممثل كلّما ضحى من أجل تبليغ رسالة معينة، ستصل إلى المتلقي دون شك”. وعن العوامل التي أثرت في تأخر إخراج “دقات قدر” المستوحى من رواية المخرج نفسه “السمفونية الخامسة”، يرد اليونسي بأن “الصناعة السينمائية في بلدنا ما زالت في طور البناء، ونحن ما زلنا نعاني كثيرا في مجمل مراحل صناعة الفيلم السينمائي بالمغرب” وأوضح أن “أول النقائص الجانب المالي، حيث كل المبالغ المخصصة لدعم الأفلام المغربية لا تتجاوز ثمن مشهد في فيلم سينمائي، بالإضافة إلى مرحلة المونتاج التي أخذت مني حوالي سنة كاملة، منها ما هو مردود لقلة الإمكانات، ولم أستطيع إتمام تلك المرحلة حتى حصلت على دعم الإنتاج من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، ومن جهة ثانية قلة المختصين في المونتاج والتأثيرات البصرية”. يشار إلى أنّ الفيلم التاريخي، الذي يعرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، يجسد شخصياته إلى جانب الممثلة يسرى طارق، كل من محمد الشوبي، وعبد الله شاكيري، وعبد اللطيف شوقي، ورفيق بوبكر، والممثلة الجزائرية بهية راشدي، إلى جانب ممثلين إسبان.